بتهديدهم أدنى احتفاء بل أجابهم: إذا كانت المشروطية عندكم تعني إستبداد فئة معينة فليشهد الثقلان أنني رجعي، وأنا مستعد للتضحية بروحي في سبيل مسألة واحدة فقط من مسائل الشريعة مما أذهل الضباط الكبار. وبينما كان يتوقع حكم الإعدام اصدروا قرارهم بتبرئته وتخلية سبيله. ولم يشكرهم على قرارهم هذا، بل هتف وهو في طريقه للخروج (لتعش جهنم للظالمين). وفي ديوان الرئاسة في آنقرة -كما ادرج في قرار لمحكمة افيون- عندما قال له مصطفى كمال في غضب:
(لقد دعوناك هنا لكي نستأنس بآرائك السديدة، فإذا بك تكتب اموراً حول الصلاة فبذرت الخلاف فيما بيننا) فأجابه امام ما يقرب من خمسين نائباً:
(ان اكبر مسألة بعد مسألة الإيمان هي الصلاة. ومن لا يصلي يعدّ خائناً وحكم الخائن مردود).
فاضطر ذلك القائد الصارم إلى كظم غيظه وإلى إعطاء بعض الترضية له، ثم انه لم يسجل رجال أمن الحكومة في ست ولايات أية حادثة تخل بالأمن لطلبة النور مع انهم يعدّون بمئات الآلاف سوى حادثة صغيرة تتعلق بقيام أحد الطلبة الصغار بدفاع شرعي. ولم يسمع أحد أن طالباً من طلاب النور دخل السجن بسبب جرم او جناية، وما دخل السجن إلاّ وأصلح المسجونين. ومع أن مئات الآلاف من نسخ رسائل النور منتشرة في أرجاء البلد فلم يشاهد أحد ضرراً لها، بل لم يجدوا منها سوى النفع طوال ثلاث وعشرين سنة. وأصدرت ثلاث محاكم لثلاث حكومات أحكامها بالبراءة، كما ان مئات الآلاف من الطلبة يشهدون ويصدقون بأقوالهم وبأفعالهم على قيمة (رسائل النور). ثم أيجوز ان يتهم شخص منزوٍ ومنعزل وكبير السن وفقير ويرى نفسه على حافة القبر وترك بكل قوته وقناعته الأشياء الفانية، فلا يهتم بأية رتبة دنيوية بل هو في شغل شاغل بما يكفّر عن تقصيراته السابقة وبأمور تنفع حياته الخالدة، وهو لشدة شفقته ولرغبته في تجنيب الأبرياء والشيوخ أية أضرار تلحق بهم فانه يتجنب الدعاء على ظالميه ومعذبيه.. أيجوز ان يُتهم مثل هذا الشخص ويقال بحقه: ان هذا الشيخ المنزوي يحاول الإخلال بالأمن ويفسد الاستقرار، وغايته هي المؤامرات الدنيوية وهي القصد من