للإسلام وخيانة لمليار من أجدادنا الأبطال المتدينين واتهاماً لملايين التفاسير القرآنية.
الثالثة: من الأسباب التي ذكروها لتبرير الحكم علي هي القيام بالإخلال بالأمن والاستقرار؛ وعلة هذا انهم قاموا بتفسير خاطئ لمعنى بعض الجمل الواردة في خطابات شخصية ورسائل خاصة لا تتجاوز الخمسين جملة، مع ان رسائل النور تحوي اكثر من مائة ألف كلمة وجملة، ونظروا إلى احتمال واهٍ وبعيد جداً لا يتجاوز واحداً في المائة بل واحداً من ألف، وعدوا هذا الاحتمال البعيد واقعاً ويريدون به عقابنا.
وأنا اُشهد الذين يعرفون الثلاثين او الأربعين سنة الأخيرة من حياتي والآلاف من طلبة النور الأصفياء فأقول:
عندما بدأ القائد العام للجيش الإنكليزي الذي احتل استانبول ببذر بذور الخلاف بين المسلمين حتى خدع شيخ الإسلام وبعض العلماء الآخرين وجعل أحدهم يهاجم الآخر، ووسع الخلاف بين جماعة الإتحاديين وجماعة (الائتلاف)(1) لكي يهئ الجو لانتصار اليونانيين واندحار الحركة الملية الوطنية. قمت آنذاك بتأليف كتابي (الخطوات الست) ضد الإنكليز وضد اليونانيين، وقام السيد (أشرف أديب)(1) بطبعه ونشره، مما ساعد على إبطال مفعول الخطة الجهنمية لذلك القائد، فالذي لم يحفل بتهديد القائد الإنكليزي بإعدامه ولم يهرب إلى آنقرة مع ان حكومة آنقرة(2) استدعته تقديراً منهم لنضاله، وفي روسيا لم يحفل بقرار الإعدام الذي أصدره القائد الروسي، واستطاع في حوادث 31 مارت بخطبة واحدة تهدئة ثماني كتائب هائجة من الجيش وجلبها إلى الطاعة. وعندما قال له باشوات المحكمة العسكرية العرفية: (أنت ايضاً رجعي فقد طالبت بحكم الشريعة) لم يحفل
-------------------------
(1) جماعة الإتحاديين: هم جماعة الإتحاد والترقي الذين هرب قادتهم الى الخارج بعد اندحار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى امام قوات الحلفاء. اما جماعة "الائتلاف" فهم جماعة سياسية ظهرت بعيد انتهاء الحرب وكانوا خصوماً للاتحاديين.
(1) وهو من المجاهدين المسلمين آنذاك، ورأس تحرير مجلة "سبيل الرشاد" الإسلامية.
(2) كانت هناك آنذاك حكومتان: حكومة الخلافة في استانبول واقعة تحت سيطرة واحتلال دول الحلفاء (وعلى رأسها انكلترة) وحكومة وطنية في انقرة (على رأسها مصطفى كمال)، ولم يكن مصطفى كمال قد أسفر عن وجهه الحقيقي المعادي للاسلام آنذاك.