السيرة الذاتية | السنوات الأخيرة في إسثارطة | 459
(441-494)

وعمره طوال حياته بالنور. مسلم طاهر ونظيف، رأسه وشعره وعمره مغسول بنور من الله. مسلم عظيم نذر حياته التي هي نعمة من المولى من أجل صلاح الشعب التركي وسعادته الحقيقية، وعزم على السير في هذا النهج حتى ساعة تسليم روحه إلى الله مالك الملك، واستنفد بدنه الذي هو بناء سبحاني في سبيل الله وحده. يقوم هذا المسلم -في الوقت الذي نقول فيه ان الديمقراطية سارية الآن- فينادى ولا يقول الا الله والرسول ويحذّر الشباب. وما ان ينطق بذلك، حتى يمسك المدعي العام الذي رفع القضية بتلابيبه. ويقول له:
- تعال هنا... إرتكبتَ جرمًا!
وجثمت على الآفاق ظلمات سوداء...
لكن انظرو إلى هذا المسلم الاصيل النجيب. كم هو ساكن ومطمئن؟ لأنه منهمك بالوحدة لا بالكثرة، لا يأبه بظلمة الليل ولا بألوان النهار. ينظر إلى الصفاء من خلال بلاء الزنزانة. ويجد الوفاء في مائدة الجفاء، فهو عارف بحقيقة الاشياء. قلَب الكثافة إلى اللطافة. غاض الدم في عروقه، فامتلأت بفيض الحق والنور وسرى النور فيها بدلاً عن الدم. ويمسك المدعي العام بذراعي هذا المسلم ويجره إلى السجن. لماذا ؟ ما السبب؟ ما فعل هذا الشيخ العجوز؟ ما ذنب هذا المسلم الهرم؟ أتدرون ماذا فعل؟ انظروا إلى ما فعل في نظر المدعي المشتكي:
نشر كتاباً باسم (مرشد الشباب)!
أ- خالف العلمانية. هل يجوز ان يكون (الله) و(الدين) و (الإيمان) مخالفاً للعلمانية ؟ نعم يجوز.!.. وماذا بعد؟
ب- دعا إلى ربط اسس انظمة الدولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية بمبادئ الدين. كيف فعل ذلك، ولماذا، وما القصد؟
ج- القصد تأمين وتأسيس نفوذ شخصي.
حسنًا.. هل يوجد قصد جلب المنافع السياسية؟.. لا. العارفون بالحال يعلمون ان هذا القصد معدوم. ولم يقدر المدعي العام ان يدّعيه. حسناً، ما دام قصد المنافع السياسية معدوماً، فماذا ينتظر هذا العجوز

لايوجد صوت