السيرة الذاتية | السنوات الأخيرة في إسثارطة | 490
(441-494)

- ألا تعلمين، متى ذهب الأستاذ وإلى اين؟
فكانت تجيبهم:
- وهل انا حارسة، كيف ادري، وانتم لاتدرون..؟
كانت الامطار تهطل بغزارة أثناء مغادرتنا (إسپارطة)، وكنا نخاف كثيراً من كيد والي (قونيا) حيث كان يصرح للصحف:
- سأجتث جذور طلاب النور واقلعها من الاعماق.
لذا كنا نقرأ على طول الطريق (آية الكرسي) وباستمرار دفعاً لشره.
اشتد المطر نازلا بغزارة اكثر عند وصولنا إلى (اغريدر) بحيث لم يبق أحد من الشرطة في الشارع فدخلوا جميعاً إلى بناية مركز الشرطة، حتى اننا مررنا من امام المركز ولم يرنا احد. وهكذا تركنا المدينة. ثم وضعنا الطين على لوحة السيارة لئلا يرانا أحد من المراقبين. وبعد ان تركنا (قره اغاج) اصبح الأستاذ في عافية، فنزل من السيارة وجدد الوضوء. وبعد ان قطعنا مسافة عدة كيلومترات من هناك وقفنا على شمال الطريق عند النبع، فصلى الأستاذ فوق صخرة هناك، ثم بدأنا السير وقبل ان نصل (قونيا) انهى الأستاذ اذكاره واوراده، واستعدل في مكانه على المقعد الخلفي، ولكن ما ان وصلنا حدائق (مرام) في ضواحي (قونيا) حتى اشتد مرض الأستاذ مرة أخرى ولم يتمكن من النطق. فدخلنا المدينة واشترينا فيها الزيتون والجبن استعداداً للافطار، ودفع الأستاذ ثمنه وقال:
- ابنائي انا مريض جداً، كلوا انتم بدلاً عني.
وبفضل الله فقد وسعتنا عنايته الكريمة حيث لم يشاهدنا -والحمد لله- أحد في المدينة، بل ولا في المدن التي تلت (قونيا).
وقبل وصولنا إلى (ارگلي) جلس الأستاذ في مكانه ومد يديه ماسكاً اذني واذن الاخ زبير من الخلف قائلاً لنا:
- ابنائي، لاتخافوا ابداً، فقد قصمت رسائل النور ظهر الملحدين والشيوعيين، فرسائل النور غالبة دائماً باذن الله.
كرر هذا القول عدة مرات، وكان صوته واطئاً جداً بحيث لانكاد نسمعه، ثم قال:
هؤلاء لم يفهموني، هؤلاء لم يفهموني، هؤلاء لم يفهموني، هؤلاء ارادوا ان يلوثوني بالسياسة.

لايوجد صوت