السيرة الذاتية | مقدمة | 36
(31-42)

يمتاز بالصفات الآتية:
التضحية:
تعد التضحية من أهم شروط التوفيق والنجاح لدى أصحاب الدعوات. وذلك لأن القلوب تميل والعيون تترقب بكل حساسية تدقيق هذه النقطة المهمة، وحياة الأستاذ النورسي تزخر وتجود بأروع أمثلة التضحية والفداء.
وقد سمعتُ من العلامة المرحوم شيخ الإسلام مصطفى صبري كلاماً يصف به التضحية قائلاً:
(يقتضي على حملة لواء الجهاد الإسلامي المقدس في هذا العصر العصيب التضحية ليس بحياتهم الدنيوية فحسب بل بحياتهم الأخروية أيضاً .
إنني لم استسغ هذا الكلام الثقيل في معناه والمشحون في مغزاه والصادر من إنسان عظيم، فأقرنته بكلام المتصوفة وألغازهم التي يطلقونـها في حالة من الإستغراق والنـزعة الروحية، وأخذت عليّ ألاّ أبحثه لأحد ولا أخوض فيه في مجلس. وحينما قرأت الكلام نفسه في ثنايا العبارات الحماسية الهياجة للأستاذ النورسي، أدركت أن مقاييس التضحية تعظم بعظمة الفطاحل. نعم، وتصغر في عين العظيم العظائم).
أجل إن المجاهدين الذين يضحون بكل غال ونفيس ويتحملون المآسي الأليمة ويصبرون عليها، لن يتركهم المولى سبحانه على حالهم. وكيف يتركهم وهو المتعال القدوس الكريم في عليائه، وهو أرحم الراحمين. فتعالى الله الجليل علواً كبيراً أن يحرم رحمته وكرمه وعنايته عبدَه المضحي في سبيله.
وهكذا يعدّ بديع الزمان الأنموذج الأمثل لهذا التجرد الفريد، قضى عمره الزاخر متجرداً من كل متاع، محروماً من اللذائذ الدنيوية المشـروعة كافةً، فلم يجد الفرصة المتاحة ليتفكر في تكوين حياة عائلية سعيدة يجنح لظلها ويقضي حياة سعيدةً بكنفها. ولكن الله تعالى أحسن إليه إحساناً تعجز الأقلام عن تعريفه ووصف أمدائه.
فأي صاحب أسرة وأي ربُّ بيت أسعد اليوم منه؟ وأي أب يُعدّ أبناؤه بالملايين؟ ويا لهم من أبناء بررة.. وأي معلم وأستاذ تتلمذ وتخرج

لايوجد صوت