السيرة الذاتية | مقدمة | 37
(31-42)

على يديه هذا العدد الهائل من الطلاب؟.
وستدوم بإذن الله هذه العروة المقدسة ما دامت السموات والأرض، وتسري كسيل من النور إلى أبد الآباد، فالدعوة الإلهية هذه نبعت من القرآن الكريم وتبلورت في بحر نوره، فمنه تستمد الوجود وبه تحيا.
الرأفة والشفقة:
لقد وجد العارف بالله الأستاذ النورسي الحق والحقيقة منذ صغره، أيام لجوئه إلى المغارات للإستماع إلى أنين قلبه وآهاته وإنابة روحه ومناجاتها، حتى ذاق طعم الطاعة ورشف رحيق العبادة واستشم طيب التفكر، واستفاض في التربية الروحية والنفسية فوصل إلى الطمأنينة والسكينة.
وعندما أغار الكابوس الإلحادي وكأنه أمواج ليال مظلمة على العالم الإسلامي ولاسيما على بلدنا في تلك الأيام الخطرة التعسـة، وثب الأستاذ النورسي إلى ساحات الجهاد وثبة الأسد من عرينه، يتأجج وكأنه بركان منفجر، وفدى هذه الدعوة المقدسة بوجوده وكيانه. فغدت كل كلمة من كلماته وكل فكر من أفكاره منـذ ذلك اليوم وكأنها شواظ نار تتقد في القلوب وجمرة تستعر في الأحاسيس والأفكار.
يشبه رجوع الأستاذ النورسي إلى المجتمع للدعوة والإرشاد بعد الخلوة والعزلة والإنزواء ما فعله الإمام الغزالي. ولاشك ان الله تعالى يزكّي ويصفي الخلّص من عباده المصطفين الأخيار والمرشدين العظام فترة من الزمان في الخـلوات، ثم يحملهم وظيفة الإرشاد والدعوة، فأنفاس هؤلاء العظماء حين تلامس القلوب تبعث فيها الحياة.
وقد قام الأستاذ النورسي بفتوحات في شعاب الإيمان والإخلاص، كما قام أستاذه الإمام الغزالي قبل تسعمائة سنة بفتوحات في ميادين الأخلاق والفضيلة.
أجل ان شفقة ورأفة الأستاذ النورسي هي التي ساقته دوماً لميادين الجهاد المرعب هذه، ولنستمع إلى هذه الحقيقة منه:
(يقولون: لماذا تجرح فلاناً وعلاناً؟ لا ادري. لم أشعر ولم أتبين مما أرى أمامي من حريق هـائل يتصاعد لهيبها إلى الأعالي تحرق أبنائي وتضرم إيماني، وإذ أنا أسعى لإخمادها وإنقاذ إيماني، يحاول

لايوجد صوت