السيرة الذاتية | مقدمة | 38
(31-42)

أحدهم إعاقتي، فتـزل قدمي مصطدمةً به. فليس لهذه الحادثة الجزئية أهمية تذكر وقيمة أمام ضراوة النار؟)
يا لها من عقول صغيرة ونظرات قاصرة!
الاستغناء:
قدم الأستاذ النورسي طوال حياته أروع نماذج الاستغناء عن الناس لمختلف طبقات مجتمعنا، حتى أصبحت تلك النماذج ملاحم تتناقلها الألسن. فاستغنى بكل موجوديته وسعة روحه وشخصيته عما سوى الله استغناءاً تاماً، ولاذ إلى كنف رب العالمين واحتسب بسعة خزائن رحمته التي لا تعرف النفاد، واتخذ الإستغناء ليس عادة له فحسب بل مشرباً ومسلكاً ومذهباً ينتهجه عبر سني عمره، ولا يزال ثابت الخُطى كل الثبات في هذا الدرب مهما كلّفه ذلك من المصاعب والمتاعب.
والملفت للنظر ان هذا المسلك لم ينحصر في شخصه، بل انتقل إلى طلابه وأصبح مُناهم وغايتهم المقدسة في الحياة. ولا يمتلك الإنسان نفسه من الشغف بطالب النور المغتسل في بحر النور والمرتشف من نبعه الصافي.
وانظروا كيف يوضح الأستاذ النورسي في المكتوب الثاني من كتابه (المكتوبات) هذه النقطة في ستة أوجه بشعور إيماني وحس علمي.
الأول: ان أهل الضلال يتهمون العلماء باتخاذهم العلم مغنماً. فيهاجموهم ظلماً وعدواناً بقولهم: (انهم يجعلون العلم والدين وسيلة لكسب معيشتهم) فيجب تكذيب هؤلاء تكذيباً فعلياً.
الثاني: نحن مكلّفون باتباع الانبياء -عليهم السلام- في نشر الحق وتبليغه، وان القرآن الكريم يذكر الذين نشروا الحق انهم اظهروا الاستغناء عن الناس بقولهم: ﴿إن أجريَ الاّ على الله﴾﴿إن أجريَ الاّ على الله﴾. وان الآية الكريمة: ﴿اتّبعوا مَن لا يسئَلُكُم أجراً وهم مُهتدون﴾ في سورة يس، تفيد معاني جمّة، ومغزى عميقاً، فيما يخص مسألتنا هذه...
وما التوفيق الإلهي في انتصارات رسائل النور إلاّ ثمرة رجولة الثبات على منهج الرسل عليهم السلام واتخاذهم أسوة. ومن هذا المنطلق استطاع الأستاذ النورسي المحافظة على عزته العلمية التي لا

لايوجد صوت