يمكن الإتحاد في المسالك والمشارب فلا يجوز ايضاً، لأن التقليد يشق طريقه ويؤدي إلى القول: (مالي وما عليّ فليفكر غيري).
الوهم الثامن: ان المنتسبين إلى الإتحاد - معنىً وصورة - أكثرهم من العوام وقسم منهم غير معروفين وهذا مدعاة إلى حدوث فتن واختلافات.
الجواب: إنما ذلك لعدم السماح في هذا الإتحاد بالتمايز بين الناس سواء أكانوا من الخاصة أم من العامة، ثم لأن المرء في الإتحاد يدعو إلى إعلاء كلمة الله فكل ما يقوم به يثاب عليه ثواب عبادة.. ففي جامع العبادة يتساوى الملك والمتسول فلا امتياز، بل المساواة الحقة دستور قائم. لأن الأكرمَ عند الله هو الأتقى، والأتقى هو المتواضع، فبناءً على هذا يتشرف الشخص بانتسابه إلى هذه الجماعة الخالصة لخدمة الدين والدعوة إلى الآخرة، والاّ فلا يزيد الإتحاد شرفاً، إذ القطرة لا تزيد البحر شيئاً.. ثم ان الإنسان كما لا يخرج عن الإيمان بارتكاب كبيرة، فان باب التوبة ايضاً مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها. والبحر لا يتنجس بغرفة ماء، بل يطهّر اليد فالمنتسب إلى هذا المثال المصغر للاتحاد الإسلامي يشترط عليه اتباع السنة النبوية وإحياؤها وامتثال أوامرها واجتناب نواهيها وعدم الإخلال بأمن البلاد ونظامها فالمجهول الذي انتسب إلى هذا الإتحاد لا يلوث قصداً هذه الحقيقة ما استطاع إليه سبيلاً وحتى لو كان المرء نفسه مذنباً فإيمانه نزيه مقدّس. والرابطة إنما هي بالإيمان ليس الاّ.
فتشويه هذا العنوان المقدس بحجج واهية أمثال هذه إنما ينجم عن الجهل بعظمة الإسلام فضلاً عن إظهار هذا المتحجج نفسه أنه أحمق الناس.
نحن نردّ بكل ما أوتينا من قوة تشويه سمعة اتحادنا الذي يمثل (اتحاد المسلمين) أو التعريض به مما هو دأب الجمعيات الدنيوية الأخرى ونحن على أتم استعداد للإجابة عن أي استفسار واعتراض كان.
ان الجماعة التي انضم إليها إنما هي هذا الإتحاد الإسلامي الذي فصّلنا القول فيه. والاّ فليست هي تلك التي يتخيلها المعترضون بخيالهم الباطل.
ان أفراد هذه الهيئة الدينية هم معاً، سواءً أكانوا في الشرق أو الغرب أو الجنوب أو الشمال.(1)
----------------------------
(1) صيقل الإسلام- الخطبة الشامية/ 533