السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 106
(86-123)

تنبيه أرباب الصحافة:
لقد دأبت الصحف على زعزعة الأخلاق الإسلامية بقياسين فاسدين وبـما يوهن العزة والإقدام، حتى اهلكوا الأفكار العامة السائدة. فتصديت لهم بمقالات نشرتها في الجرائد وقلت لهم:
يا أرباب الصحف! على الأدباء ان يلتزموا بالآداب، وعليهم ان يتأدبوا بالآداب اللائقة بالإسلام فينبغي ان تكون أقوالهم صادرة من صدور لا تحيد لجهة، ومن قلوب عموم الناس، فيشترك معهم عموم الأمة.
ويجب تنظيم برنامج المطبوعات بما في وجدانكم من شعور ديني ونية خالصة.
بينما انتم بقياس فاسد، أي بقياس الريف باستانبول، و استانبول بأوروبا أوقعتم الرأي العام والأفكار السائدة في مستنقع آسن. فنبهتم عروق الأغراض الشخصية والمنافع الذاتية واخذ الثأر، حيث يلقن الطفل الصغير الذي لم يدرج بعد في المدرسة، الفلسفة الطبيعية المادية. فكما لا تليق بالرجل فساتين الراقصات فلا تطبق مشاعر أوروبا في استانبول. إذ اختلاف الأقوام وتخالف الأماكن والأقطار شبيهة بتباين الأزمنة والعصور. بمعنى ان الثورة الفرنسية لا تكون دستوراً لنا. فالخطأ ينجم من تطبيق النظريات وعدم التفكر بمتطلبات الوقت الحاضر.(1)
وحسب علمي ان الأدباء يكونون متأدبين، الاّ أنني أجد بعض الصحف الخارجية خالية من الأدب وناشرة للنفاق. فان كان هذا هو الأدب، والآراء العامة مختلطة إلى هذا الحد، فاشهدوا أني تخليت عن هذا الأدب. فلست داخلاً فيهم ايضاً. وسأطالع الأجرام واللوحات السماوية النيرة على ذرى جبال موطني، قمة باشت، بدلاً من مطالعة هذه الصحف.(2)
إنني اعترض على أساس فكر الصحف التي ظهرت بعد منتصف نيسان وذلك: انهم أوجدوا منفذاً ومبرراً للتضحية بالعزة والكرامة والطاعة العسكرية -التي هي أسمى من الحياة بل تضحى لأجلها الحياة- في سبيل أعمال غير مشروعة، وافعال خسيسة خادمة للحياة نفسها لدى أهل الوجدان.
-------------------------

(1) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 444
(2) نفسه / 461

لايوجد صوت