ثم انهم ظنوا ان شمس الشريعة التي تنجذب إليها الحقائق والأحوال وترتبط بها، تابعة للسلطة او منقادة للخلافة او أداة لأية سياسة أخرى. فاظهروا -ما اعتقدوه- ان الشمس المنيرة تابعة لنجم منخسف.
اقول بكل ما املك من قوة:
انه لا رقي لنا إلاّ برقي الإسلام الذي هو مليتـنا، ولا رفعة لنا الاّ بتجلي حقائق الشريعة. وبخلافه نكون مصداقاً للمثل القائل: أضاع المشيتين.
نعم، علينا ان نستشعر بشرف الأمة وعزتها وثواب الآخرة وبشأن المجتمع، وقيمته، والحمية الإسلامية، وحب الوطن وبحب الدين، ففي المضاعفات قوة أية قوة.(1)
لتحيا الشريعة الاحمدية(2)
(على صاحبها الصلاة والسلام)
ان الشريعة الغراء باقية إلى الأبد؛ لأنها آتية من الكلام الأزلي وان النجاة والخلاص من تحكم النفس الأمارة بالسوء بنا هي بالاعتماد على الإسلام والاستناد إليه والتمسك بحبل الله المتين. وان جني فوائد الحرية الحقة والاستفادة منها استفادة كاملة منوط بالاستمداد من الإيمان؛ ذلك لأن من أراد العبودية الخالصة لرب العالمين لا ينبغي له ان يذلّ نفسه فيكون عبداً للعبيد. وحيث أن كل إنسان راعٍ في مُلكه وعالَمه فهو مكلّف بالجهاد الأكبر في عالمه الأصغر ومأمور بالتخلق بأخلاق النبيy واحياء سنته الشريفة.
يا أولياء الأمور! إن أردتم التوفيق فاطلبوه في موافقة أعمالكم للسنن الإلهية في الكون -أي قوانين الله- والاّ فلن تحصدوا إلاّ الخذلان والإخفاق. لأن ظهور الأنبياء عامة في الممالك الإسلامية والعثمانية إنما هو رمز واشارة من القدر الإلهي: أن الذي يدفع أبناء هذه الممالك إلى التقدم إنما هو الدين. وان أزاهير مزرعة آسيا وأفريقيا وبساتين نصف أوروبا ستتفتح وتزدهر بنور الإسلام.
اعلموا ان الدين لا يُضحّى به لأجل الحصول على الدنيا. فقد كانت تعطى فيما مضى مسائل الشريعة أتاوة للحفاظ على الإستبداد البائد. اروني ماذا حصدنا من ترك مسائل الدين والتضحية بها غير الضرر والخيبة. ان إصابة الأمة في قلبها إنما هو من ضعف الدين ولن تنعم
-----------------------------
(1) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 456
(2) الجريدة الدينية/77في 18مارت1909(5 مارت1325 رومي)