السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 110
(86-123)

رغبات الأمة المشتاقة إلى المشروطية المشروعة التي فيها سعادتنا ومنبع حياتنا الاجتماعية العطشى إلى المعارف والعلوم الحديثة المنسجمة مع الإسلام وذلك بإلقائهم الأغراض الشخصية والفتن في المشروطية. زد على ذلك أعمال المثقفين المتسمة بالإلحاد وعدم الاكتراث بالدين.(3)
ولقد رأيت في حادثة (31 مارت) حالة قريبة من هذا: عندما نادى من كانوا يجودون بأرواحهم للإسلام من أصحاب الهمم بالدعوة إلى المشروطية، والذين كانوا يعتقدون ان نعمة المشروطية غاية المنى وجوهر الحياة، وجدّوا في تطبيق تفرعاتها وفق الشريعة مرشدين المسؤولين في الدولة وموجهين لهم للتوجه إلى القبلة في صلاة العدالة طالبين إعلاء الشريعة المقدسة حقاً بقوة المشروطية، وإبقاء المشروطية بقوة الشريعة، محمّلين مخالفة الشريعة السيئات السابقة جميعَها، فما ان نادى هؤلاء بهذا النداء وقاموا بتطبيق بعض الأمور الفرعية إذا ببعض مَن لا يميّز يمينه عن شماله يبرز أمامهم ويجابهونهم ظناً منهم ان الشريعة تشد أزر الإستبداد -حاشاها- فقلّدوا كالببغاء منادين: بأنّا نطالب بالشريعة فاختفى الهدف ولم يعد يُفهم القصد الحقيقي، وانجر الوضع إلى ما رأيتم. ومعلوم ان الخطط قد مُهّدت وحيكت من قبل. فلما آل الأمر إلى هذا هجم بعض من يتقنع كذباً بالحمية على ذلك الاسم السامي، واعترضوا متعدين عليه. فدونكم نقطة سوداء مظلمة جديرة بالاعتبار.(1) ذلك ان ما يسمى بحادثة 31 مارت، ذلك الطوفان الرهيب والصاعقة المحرقة، قد هُيأت -تحت أسباب اعتيادية- استعداداً طبيعياً بحيث ورد -من عند الله- على لسان القائمين بها اسم الشريعة المظهرة معجزتها دوماً رغم ان نتائج تلك الحادثة كانت الهرج والمرج.
ولأن اسم الشريعة جعل ذلك الطوفان يمر بسلام فانه يُدين -أمام الله- تلك الصحف التي أطلقت لسانها بالسوء بعد منتصف نيسان.
فإذا ما أُخذ بنظر الاعتبار الأسباب السبعة والأحوال السبع التي أدّت إلى تلك الحادثة تظهر الحقيقة بجلاء وهي الآتية:
1- لقد كان تسعون بالمائة من هذه الحركة موجهة ضد الإتحاد والترقي وضد إستبدادهم ودكتاتوريتهم.
--------------------------

(3) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 452
(1) صيقل الإسلام - المناظرات / 406

لايوجد صوت