الأفراد لا يتدخلون بالسياسة، والانكشاريون(3) خير شاهد على هذا. إنكم تطالبون بالشريعة الاّ أنكم تخالفونها وتلوثونها.
انه ثابت بالشريعة والقرآن والحديث والحكمة والتجربة: ان الطاعة فرض لولى الأمر المستقيم المتديِّن القائم بالحق. فأولياء أموركم هم ضباطكم. فكما ان مهندساً ماهراً وطبيباً حاذقاً إذا ما ارتكب الآثام لا تتضرر مهنة الطب والهندسة كذلك ضبـاطكم الذين هم منورو الفكر ومثقفون ومطلعون على فنون الحرب وذوو الغيرة والشهامة وهم المؤمنون. فلا تظلموا العثمانيين جميعاً والمسلمين بعصيانكم لأوامرهم جراء حركة جزئية غير مشروعة تصدر منهم، ذلك لان العصيان ليس ظلماً واحداً بل هو تجاوز على حقوق ملايين من الأفراد. انتم تعلمون أن راية التوحيد الإلهي محمولة على يد شجاعتكم. وقوة تلك اليد في الطاعة والنظام، حيث ان ألفاً من المطيعين المنظمين يعدل مائة ألف من السائبين. وغني عن البيان فان ثلاثين مليوناً من العثمانيين لم يقوموا بمثل هذه الانقلابات الدموية طوال مائة سنة، فلقد قمتم بها بطاعتكم من دون إراقة دماء.
وأضيف ايضاً، ان إضاعة ضابط ذي حمية وثقافة ودراية يعني إضاعة قوتكم المعنوية، لان الغالب في الوقت الحاضر هو الشجاعة الإيمانية والعقلية والعلمية. واحياناً يعدل مثقف واحد منهم مائة من غيرهم. فالأجانب يسعون ان يغلبوكم بهذه الشجاعة، إذ الشجاعة الفطرية وحدها غير كافية.
خلاصة الكلام: إني أبلغكم ما أمره الرسول الأعظمy وهو:
ان الطاعة فرض، فلا تعصوا ضباطكم.
فليحيا الجنود، ولتعش المشروطية المشروعة.(1)
وقد سمعت ان قسماً من الجنود بدأوا ينتسبون إلى بعض الجمعيات، فتذكرت الحادثة الرهيبة للانكشاريين. فقلقت كثيراً واضطربت، فكتبت في إحدى الصحف:
ان أسمى جمعية وأقدسها في الوقت الحاضر، هي جمعية الجنود المؤمنين. فجميع الذين انخرطوا في سلك الجندية المؤمنة المضحية
---------------------------
(3) الانكشارية: نظام عسكري للمشاة في الدولة العثمانية، أسسه السلطان اورخان.قدم خدمات كبيرة للدولة في اوائل عهدها، ثم فسد واصبح مشكلة للدولة، حتى استطاع السلطان محمود الثاني إلغاءه وأسس بدلاً منه نظاماً عسكرياً حديثا.
(1) صيقل الإسلام- المحكمة العسكرية /449