السيرة الذاتية | الفصل الخامس | 262
(253-304)

حوّل نظري منذ ثلاثين سنة إلى فلاسفة أوروبا، فأنا اجاهدهم بعد جهاد نفسي، ولا التفت إلى ما في الداخل، إذ أرى النقص والتقصير في الداخل هو نتيجة ضلال أوروبا وإفسادها، لذا احتدّ على فلاسفة أوروبا وألطمهم لطمات تأديب. فلله الحمد، ان (رسائل النور) خيبت آمال أولئك الكفار العنيدين، مثلما أسكتت تماماً الفلاسفة الماديين والطبيعيين. ولا توجد حكومة في الدنيا، مهما كان شكلها، تمنع محصولاً مباركاً لوطنها ومنجماً عظيماً لقوتها المعنوية مثل هذه الرسائل، أو تحكم على ناشرها. إن الحرية التي يتمتع بها الرهبان في أوروبا ترينا أن أي قانون كان لا يتابع تاركي الدنيا والعاملين بقواهم الذاتية للآخرة والإيمان.
الحاصل: اجزم انه لا قانون في الدنيا يقول بمنع، او يقدر ان يمنع، كتابة الخواطر العلمية بشأن الإيمان الذي هو مفتاح السعادة الأبدية لرجل عجوز، محكوم عليه بالتغريب لمدة عشر سنوات، وممنوع عن الاختلاط بالناس والمراسلة. وان عدم تعرض هذه الخواطر إلى الجرح والانتقاد من قبل أي عالم كان، يثبت انها عين الحق ومحض الحقيقة.
المادة الرابعة لبيان سبب اتهامي وتوقيفي هو: وقوع إخبار عني بتدريس درس الطريقة التي منعتها الدولة.
الجواب:
اولاً: كتبي التي في أيديكم كلها تشهد اني منشغل بالحقائق الإيمانية. ولقد كتبت مرات عديدة في رسائلي (ان هذا الزمان ليس زمان الطريقة، بل زمان إنقاذ الإيمان. وكثيرون جداً يدخلون الجنة بغير طريقة، ولكن لا أحد يدخلها بغير إيمان. لذلك ينبغي العمل للإيمان).
ثانياً: أنا موجود في ولاية (اسپارطة) منذ عشر سنين. فليدّعي إنسان واحد أني علّمته درس الطريقة. نعم.. قد درّست بعض الخواص من اخوة الآخرة دروساً في العلوم الإيمانية والحقائق العالية باعتباري عالماً. ان هذا ليس تعليم طريقة، بل تدريس حقيقة. ثمّ شئ أُنبه إليه: أنا شافعي المذهب، وتسبيحاتي بعد الصلاة تختلف قليلاً عن تسبيحات الأحناف. وايضاً، انشغل في خلوة مع نفسي للاستغفار عن ذنوبي وتلاوة

لايوجد صوت