السيرة الذاتية | الفصل الخامس | 291
(253-304)

إنني اتهمكم بأنكم تريدون استغلال السياسة في سبيل الإلحاد، تجاه اتهامكم إياي باني استغل الدين للسياسة. لأنني اثبت بمائة دليل قاطع ان هذه فرية فاضحة وباطل لا أساس له من الصحة.
كان فيما مضى سلطان خبّ، يقترف مظالم كثيرة باسم العدل. قال له عالم فاضل يوماً: أيها الحاكم! أنت تظلم رعيتك باسم العدل. لان رؤيتك المتسمة بالخب والانتقاد تجمع السيئات المتفرقة عبر الزمان وتتصورها في آن واحد. فتعاقب صاحبها بعقاب أليم. ثم تجمع سيئات القوم الناجمة من أفراده المتفرقين، مرة واحدة -برؤيتك الناقدة المتسمة بالخب- وتحذر كل فرد من أفراد ذلك القوم، وتنفر منهم جميعاً وتنزل ضربة ظالمة عليهم. فإنك بلاشك تغرق في ما تبصقه في ظرف سنة واحدة لو خرج منك في يوم واحد. والعلاج المر الذي تستعمله في أوقات متفرقة إذا استعمله عدد من الأفراد في يوم واحد ربما يؤدي إلى موتهم.. وهكذا فبينما الأمر يقتضي ستر السيئات المتخللة بين المحاسن، فانك لا تفكر بالمحاسن المزيلة للسيئات في رعيتك، بل تجمع -برؤيتك الخب- السيئات كلها وتعاقب عليها عقاباً أليماً.. ويستمع السلطان إلى ذلك العالم الجليل، فينجو من الظلم.
ان قوة خفية تريد الحكم عليّ بالادانة، واشعر انها تحاول بشتى الوسائل ان تجد حججاً ومعاذير مهما كانت لجعلي محكوماً، كمن يجمع الماء من ألف وادٍ بل أغرب من دعوى الذئب للحمل.
فمثلاً يرددون هذه الكلمة منذ ثلاثة شهور: أن سعيداً الكردي يستغل الدين للسياسة. وأنا اقسم بجميع المقدسات أن لو كان عندي ألف سياسة لكنت فديتها للحقائق الإيمانية. فكيف أجعل الحقائق الإيمانية أداة لسياسة الدنيا؟ فمع أنني فنّدت هذا الإتهام في مائة موضع الاّ انهم لا يزالون يرددون النقرات نفسها. بمعنى انهم يريدون بالاستلزام ان يجعلوني مسؤولاً مهما كلف الأمر. وأنا بدوري اتهم الظالمين الملحدين الذين يحاولون العمل ضدنا أنهم يستغلون السياسة للإلحاد. فهم يحاولون ستر هذا المعنى -وهو موضع اتهامهم- باتهامي أن سعيداً يستغل الدين للسياسة.

لايوجد صوت