وكان طلابه يقدرون وضعه، فلا يدخلون عليه إلا اذا طلبهم، ومع ذلك فانه لم يكن منقطعاً عن العالم الخارجي كلياً، إذ كان يتتبع الاخبار وعيّن أحد طلبته ليقرأ له أهم ما في الجرائد. فكان يهتم بأخبار طبع رسائل النور وبالمحاكمات المتعددة لطلاب النور.
قضية آنقرة:
في 16 نيسان سنة 1958 اعتقل جميع من كان في خدمة الأستاذ من طلاب النور والذين يعملون في نشر الرسائل في آنقرة واستانبول وإسپارطة. وقد تقدّم للدفاع عنهم المحامي (بكر برق)(2) واجتمع هذا المحامي في سجن آنقرة بطلاب النور المسجونين وقال لهم:
- انني احب ان آخذ رأيكم في مسألة تخصكم. فهل تحبون ان اسعى إلى اطلاق سراحكم من السجن في اقرب فرصة، ام ترغبون ان اسعى للدفاع عن دعوتكم وشرحها دون الاهتمام بقضية اطلاق سراحكم؟
اجاب طلاب النور معاً:
- نرجو منك ان تحصر جهدك في بيان وشرح دعوتنا السامية فنحن راضون ان نبقى في السجن سنوات عديدة.(1)
وقد ادرك هذا المحامي انه ليس امام اناس اعتياديين، بل هو امام اناس نذروا انفسهم لدعوتهم، وقد اخذ هذا المحامي على نفسه مهمة الدفاع في جميع المحاكم التي سيق اليها طلاب النور.. وما اكثرها!
لقاء الوداع
بدأ الأستاذ سعيد النورسى في اواخر ايامه بسلسلة من السفرات وكأنه كان يريد ان يودّع طلابه.
ففي19 كانون الأول لسنة 1959 سافر إلى (آنقرة) ومنها إلى (اميرداغ) ومنها إلى (قونيا) ومنها إلى (آنقرة) ايضاً، ومنها إلى (استانبول) في 1/1/1960 حيث بقى فيها يومين، ثم رجع إلى (آنقرة) مرة أخرى في 3/1 وألقى على طلابه (الدرس الأخير). وقد اجرى مندوب صحيفة (تايمس اللندنية) معه تحقيقاً صحفياً طويلاً، ونشر في
----------------------
(2) 1926-14/6/1992م.نذر نفسه للدفاع عن قضايا طلاب النور. وكسب الدعوى لصالحهم في أكثر من ألف قضية في أنحاء تركيا. له مقالات كثيرة في الصحف وعشرات من المؤلفات.
(1) ش/261