الكلمة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿الذين يُؤمنون بالغَيب﴾
ان كنت تريد ان تعرف مدى ما في الايمان من سعادة ونعمة، ومدى ما فيه من لذة وراحة، فاستمع الى هذه الحكاية القصيرة:
خرج رجلان في سياحة ذات يوم، من أجل الاستجمام والتجارة. فمضى احدهما وكان انانياً شقياً الى جهة، ومضى الآخر وهو رباني سعيد الى جهة ثانية.
فالاناني المغرور الذي كان متشائماً لقي بلداً في غاية السوء والشؤم في نظره، جزاءاً وفاقاً على تشاؤمه، حتى انه كان يرى - أينما اتجه - عجزةً مساكين يصرخون ويولولون من ضربات ايدي رجال طغاة قساة ومن اعمالهم المدمّرة. فرأى هذه الحالة المؤلمة الحزينة في كل ما يزوره من اماكن، حتى اتخذت المملكة كلها في نظره شكل دار مأتم عام. فلم يجد لنفسه علاجاً لحاله المؤلم المظلم غير السُكر، فرمى نفسه في نشوته لكيلا يشعر بحاله، إذ صار كل واحد من اهل هذه المملكة يتراءى له عدواً يتربص به، واجنبياً يتنكر له، فظل في عذاب وجداني مؤلم لما يرى فيما حوله من جنائز مرعبة ويتامى يبكون بكاءاً يائساً مريراً.