الكلمات | الكلمة الخامسة عشرة | 238
(238-247)

الكلمة الخامسة عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ولقد زيّنا السماءَ الدنيا بمصابيحَ وجعلناها رُجوماً للشياطين﴾ (الملك: 5)
يا من تعلّم في المدارس الحديثة مسائل فاقدة للروح في علم الفلك، فضاق ذهنه، وانحدر عقله الى عينه حتى استعصى عليه استيعاب السر العظيم لهذه الآية الجليلة. اعلم ان للصعود الى سماء هذه الآية الكريمة سُلّما ذا سبع درجات ومراتب، هيا نصعد اليها معاً.
 المرتبة الاولى:
ان الحقيقة والحكمة تقتضيان ان يكون للسماء أهلون يناسبونها ـ كما هو الحال في الارض ـ ويسمى في الشريعة اولئك الاجناس المختلفة الملائكة والروحانيات.
نعم! الحقيقة تقتضي هكذا، اذ ان ملء الارض، مع صغرها وحقارتها بالنسبة الى السماء، بذوي حياة وادراك، واعمارها حيناً بعد حين بذوي ادارك آخرين بعد اخلائها من السابقين يشير، بل يصرّح، بامتلاء السموات ذات البروج المشيدة، تلك القصور المزينة، بذوي ادراك وشعور. فهؤلاء كالجن والانس، مشاهدو قصر هذا العالم، مطالعو كتاب الكون، ادلاّء الى عظمة الربوبية ومنادون اليها؛ لأن تزيين العالم وتجميله بما لا يعد ولا يحصى من التزيينات والمحاسن والنقوش البديعة، يقتضي بداهة، جلب انظار متفكرين مستحسنين ومقدّرين معجبين، اذ لا يُظَهر الحسن الاّ لعاشق، كما لايعطى الطعام الا لجائع، مع ان الانس والجن لا يستطيعان القيام الاّ بواحد من مليون من هذه الوظائف غير المحدودة فضلاً عن الاشراف المهيب والعبودية الواسعة. بمعنى ان هذه الوظائف المتنوعة غير المتناهية وهذه العبادة التي لا نهاية لها تحتاج الى ما لا يعد من انواع الملائكة

لايوجد صوت