الكلمات | خاتمة | 227
(227-229)

خاتمة
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وما الحياةُ الدنيا الاّ متاعُ الغُرور﴾ (آل عمران: 185)
(درس للعبرة وصفعة قوية على رأس الغفلة)
يا نفسي!.. ايتها السادرة في الغفلة!
يا من ترين هذه الحياة حلوة لذيذة فتطلبين الدنيا وتنسين الآخرة.. هل تدرين بمَ تشبهين؟ انك لتشبهين النعامة.. تلك التي ترى الصياد فلا تستطيع الطيران، بل تقحم رأسها في الرمال تاركة جسمها الضخم في الخارج ظناً منها ان الصياد لا يراها.إلا أن الصياد يرى، ولكنها هي وحدها التي اطبقت جفنيها تحت الرمال فلم تعد ترى!
فيا نفسي!
انظري الى هذا المثال وتأملي فيه، كيف ان حصر النظر كله في الدنيا يحوّل اللذة الحلوة الى ألم مرير!.
هب أنه في هذه القرية (بارلا) رجلان اثنان: أحدهما قد رحل تسعة وتسعون بالمائة من أحبته الى استانبول وهم يعيشون هناك عيشة طيبة جميلة، ولم يبق منهم هنا سوى شخص واحد فقط وهو أيضاً في طريقه الى الالتحاق بهم، لذا فان هذا الرجل مشتاق الى استانبول أشد الاشتياق بل يفكر بها، ويرغب في ان يلتقي الأحباب دائماً. فلو قيل له في أي وقت من الاوقات: (هيا اذهب الى هناك) فانه سيذهب فرحاً باسماً..
أما الرجل الثاني فقد رحل من احبته تسعة وتسعون بالمائة، ويظن ان بعضهم فني، ومنهم مَن انزوى في أماكن لا ترى. فهلكوا وتفرقوا حسب ظنه. فهذا الرجل المسكين ذو داء عضال يبحث عن أنيس وعن سلوان حتى عند سائح واحد، بدلاً من اولئك جميعاً، ويريد ان يغطي به على ألم الفراق الشديد.
فيا نفسي!

لايوجد صوت