الكلمات | خاتمة | 228
(227-229)

ان أحبتك كلهم، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم (حبيب الله) y، هم الآن في الطرف الآخر من القبر. فلم يبق هنا الاّ واحد أو اثنان وهم ايضاً متأهبون للرحيل.
فلا تديرنّ رأسك جفلة من الموت، خائفة من القبر، بل حدّقي في القبر وانظري الى حفرته بشهامة واستمعي الى ما يطلب. وابتسمي بوجه الموت برجولة، وانظري ماذا يريد؟ واياك ان تغفلي فتكوني أشبه بالرجل الثاني!.
يا نفسي!
لا تقولي ابداً بأن الزمان قد تغيّر، وان العصر قد تبدّل، وان الناس قد انغمسوا في الدنيا وافتتنوا بحياتها، فهم سكارى بهموم العيش.. ذلك لأن الموت لا يتغير، وان الفراق لا ينقلب الى بقاء فلا يتغير ايضاً، وان العجز الانساني والفقر البشري هما ايضاً لا يتغيران بل يزدادان، وان رحلة البشرية لا تنقطع، بل تحث السير وتمضي. ثم لا تقولي كذلك: (أنا مثل كل الناس). ذلك لأن ما من أحدٍ من الناس يصاحبك الاّ الى عتبة باب القبر .. لا غير.
ولو ذهبت تنشدين السلوان فيما يقال عن مشاركة الآخرين معك في المصيبة ومعيتهم لك، فان هذا ايضاً لا حقيقة له ولا أساس مطلقاً في الطرف الآخر من القبر!.
ولا تظني نفسك سارحة مفلوتة الزمام، ذلك لأنك اذا ما نظرت الى دار ضيافة الدنيا هذه نظر الحكمة والروية.. فلن تجدي شيئاً بلا نظام ولا غاية، فكيف تبقين اذن وحدك بلا نظام ولا غاية؟! فحتى الحوادث الكونية والوقائع الشبيهة بالزلازل ليست ألعوبة بيد الصدفة.
فمثلاً: في الوقت الذي تشاهدين فيه بأن الأرض قد ألبست حللاً مزركشة بعضها فوق بعض مكتنفة بعضها البعض الآخر من انواع النباتات والحيوانات في منتهى النظام وفي غاية النقش والجمال، وترينها مجهّزة كلها من قمة الرأس الى أخمص القدم بالحكم، ومزينة

لايوجد صوت