ـ يا اخي!! إن مهمتك الأصلية هي التدرّب والاستعداد للحرب، وقد جئ بك الى هنا من أجل ذلك؛ فاعتمد على السلطان واطمئن اليه في أمر معاشك، فلن يَدَعَك جائعاً، فذلك واجبُه ووظيفته. ثم إنك عاجز وفقير لن تستطيع أن تدير أمور معيشتك بنفسك، وفوق هذا فنحن في زمن جهاد وفي ساحة حرب عالمية كبرى، أخشى أنهم يعدّونك عاصياً لأوامرهم فينزلون بك عقوبة صارمة.
نعم؛ ان وظيفتين اثنتين تبدوان أمامنا:
احداهما: وظيفة السلطان، وهي قيامه باعاشتنا. ونحن قد نُستخدم مجاناً في انجاز تلك الوظيفة.
واُخراهما: هي وظيفتنا نحن، وهي: التدريب والاستعداد للحرب، والسلطان يقدّم لنا مساعدات وتسهيلات لازمة.
فيا اخي تأمل لو لم يُعِر الجندي المهمِل سمعاً لكلام ذلك المجاهد المدرَّب كم يكون خاسراً ومتعرضاً للأخطار والتهلكة؟!
فيا نفسي الكسول!!
ان تلك الساحة التي تمور موراً بالحرب هي هذه الحياة الدنيا المائجة.. وأمّا ذلك الجيش المقسم الى الافواج فهو الأجيال البشرية.. وأمّا ذلك الفوج نفسه فهو المجتمع المسلم المعاصر.. وأمّا الجنديان الاثنان؛ فأحدهما هو العارف بالله والعامل بالفرائض والمجتنب الكبائر، وهو ذلك المسلم التقي الذي يجاهد نفسه والشيطان خشية الوقوع في الخطايا والذنوب.. وأما الآخر: فهو الفاسق الخاسر الذي يلهث وراء هموم العيش لحد إتهام الرزاق الحقيقي، ولا يبالي في سبيل الحصول على لقمة العيش أن تفوته الفرائض وتتعرض له المعاصي.. وأما تلك التدريبات والتعليمات، فهي العبادة وفي مقدمتها الصلاة.. وأما تلك الحرب فهي مجاهدة الانسان نفسه وهواه، واجتنابه الخطايا ودنايا الأخلاق، ومقاومته شياطين الجن والأنس، إنقاذاً لقلبه وروحه معاً من الهلاك الأبدي والخسران المبين.