الكلمات | الكلمة السادسة | 26
(25-30)

وان لم تبيعوها لي فسيزول حتماً كل ما لديكم، حيث ترون أن أحداً لا يستطيع أن يمسك بما عنده.. وستحرمون من تلك الاثمان الغالية.. وستهمل تلك الآلات الدقيقة النفيسة والموازين الحساسة والمعادن الثمينة، وتفقد قيمتها كلياً، وذلك لعدم استعمالها في اعمال راقية.. وستتحملون وحدكم ادارتها وتكاليفها وسترون جزاء خيانتكم للامانة.. فتلك خمس خسائر في صفقة واحدة. وفوق هذا كله ان هذا البيع يعني ان البائع يصبح جندياً حراً أبياً خاصاً بي، يتصرف باسمي ولا يبقى اسيراً عادياً وشخصاً سائباً..).
أنصت الرجلان ملياً الى هذا الكلام الجميل والامر السلطاني الكريم. فقال العاقل الرزين منهما:
سمعاً وطاعة لأمر السلطان، رضيت بالبيع بكل فخر وشكر.
أما الآخر المغرور المتفرعن الغافل فقد ظن أن مزرعته لا تبيد أبداً، ولا تصيبها تقلبات الدهر واضطرابات الدنيا، فقال:
(لا!.. ومَن السلطان؟ لا ابيع ملكي ولا أفسد نشوتي!).
ودارت الايام.. فاصبح الرجل الأول في مقام يغبطه الناس جميعاً، اذ اضحى يعيش في بحبوحة قصر السلطان، يتنعم بألطافه ويتقلب على ارائك افضاله. أما الآخر فقد ابتلي شرّ بلاء حتى رثى لحاله الناس كلهم، رغم انهم قالوا: انه يستحقها! اذ هو الذي ورّط نفسه في مرارة العذاب جزاء ما ارتكب من خطأ، فلا دامت له نشوته ولا دام له ملكه.
فيا نفسي المغرورة!
انظري من خلال منظار هذه الحكاية الى وجه الحقيقة الناصعة. فالسلطان هو سلطان الازل والأبد وهو ربك وخالقك. وتلك المزرعة والمكائن والآلات والموازين هي ما تملكينه في الحياة الدنيا من جسم وروح وقلب، وما فيها من سمع وبصر وعقل وخيال، اي جميع الحواس الظاهرة والباطنة. وأما الرسول الكريم فهو (سيدنا محمدy). وأما الأمر السلطاني المحكم فهو القرآن الكريم الذي يعلن هذا البيع

لايوجد صوت