المسموم تماماً.
اي ان الانسان هو أدنى بمائة مرة من الحيوان من حيث التمتع بملذات الحياة. بل ان حياة ارباب الضلالة والغفلة، بل وجودهم وعالَمهم، ما هو الاّ يومهم الحاضر، حيث ان الازمنة الماضية كلها وما فيها من الكائنات معدومة، ميتة، بسبب ضلالتهم، فترِدهم من هناك حوالك الظلمات..!
أما الازمنة المقبلة فهي ايضاً معدومة بالنسبة اليهم، وذلك لعدم ايمانهم بالغيب. فتملأ الفراقات الابدية التي لا تنقطع حياتهم بظلمات قاتمة، ما داموا يملكون العقل جاحدين بالبعث والنشور.
ولكن اذا ما اصبح الايمانُ حياةً للحياة، وشعّ فيها من نوره، استنارت الازمنة الماضية واستضاءت الازمنة المقبلة، وتجدان البقاء وتمدان روح المؤمن وقلبه من زاوية الايمان، باذواق معنوية سامية وانوار وجودية باقية، بمثل ما يمدّهما الزمن الحاضر.
هذه الحقيقة موضحة توضيحاً وافياً في (الرجاء السابع) من رسالة (الشيوخ) فليراجع.
هكذا الحياة.. فان كنتم تريدون ان تستمتعوا بالحياة وتلتذوا بها فاحيوا حياتكم بالايمان وزيّنوها باداء الفرائض، وحافظوا عليها باجتناب المعاصي.
أما حقيقة الموت التي تُطلعنا على اهوالها، الوفياتُ التي نشاهدها كل يوم، في كل مكان، فسأبينها لكم في مثال، مثلما بينتها لشبان آخرين من امثالكم
تصوروا ههنا - مثلاً - اعواداً نُصبت امامكم للمشنقة، وبجانبها دائرة توزع جوائز سخية كبرى للمحظوظين.. ونحن الاشخاص العشرة هنا سنُدعى الى هناك طوعاً أو كرهاً. ولكن لأن زمان الاستدعاء مخفي عنّا، فنحنُ في كل دقيقة بانتظار مَن يقول لكلٍ منا: تعال.. تسلّم قرار اعدامك، واصعد المشنقة!. أو يقول: تعال خذ بطاقة تربحك ملايين الليرات الذهبية.!