الكلمات | الكلمة العشرون | 318
(314-323)

وجريانه داخل العروق في الجسم من دون مقاومة أو صدود(1).
ثم ان الجذور الرقيقة تنبت وتتوغل في غاية الانتظام بامر رباني في تلك الصخور التي هي تحت الارض دون ان يقف امامها حائل أو مانع، فتنتشر بسهولة كسهولة انتشار اغصان الاشجار والنباتات في الهواء.
فالقرآن الكريم يشير بهذه الآية الكريمة الى حقيقة واسعة جداً، ويرشد اليها مخاطباً القلوب القاسية مرمزاً اليها على النحو الآتي:
يا بني اسرائيل ويا بنى آدم! ما هذه القلوب التي تحملونها وأنتم غارقون في فقركم وعجزكم! انها تقاوم بغلظة وبقساوة أوامر مولىً جليل عظيم، تنقاد له طبقات الصخور الصلدة الهائلة، ولا تعصيه امراً، بل تؤدي كل منها وظيفتها الرفيعة في طاعة كاملة وانقياد تام؛ وهي مغمورة في ظلمات الارض. بل تقوم تلك الصـخور بوظيفة المستودع والمخزن لمتطلبات الحياة للاحياء الذين يدبون على تراب الارض. حتى انها تكون لـينة طرية في يد القدرة الحكيمة الجليلة، طراوة شمع العسل، فتكون وسائل لتقسيمات تتم بعدالة، وتكون وسائط لتوزيعات تنتهي بحكمة، بل تكون رقيقة رقة هواء النسيم، نعم! انها في سجدة دائمة امام عظمة قدرته جل جلاله.
فهذه المصنوعات المنتظمة المتقنة الماثلة امامنا فوق الارض، وهذه التدابير الإلهية ذات الحكمة والعناية الجارية عليها هي ايضاً

(1) نعم! ان حجر الزاوية لقصر الارض المهيب السيار، هو طبقة الصخور، فقد أوكل اليها الفاطر الجليل ثلاث وظائف مهمة، والقرآن الكريم وحده القمين بأن يبين هذه الوظائف، لا غيره.
فوظيفتها الاولى: وظيفة مربية التراب في حجرها بالقدرة الإلهية، والتراب بدوره يؤدي وظيفة الامومة للنباتات بالقدرة الربانية.
الوظيفة الثانية: العمل على جريان المياه جرياناً منتظماً في جسم الارض، والذي يشبه جريان الدم ودورانه في جسم الانسان.
الوظيفة الفطرية الثالثة: وظيفة الخزان للانهار والعيون والينابيع، سواءً في ظهورها أو استمرارها على وفق ميزان دقيق منتظم.
نعم! ان الصخور بكامل قوتها وبملء فمها بما تسكب من افواهها من ماء باعث على الحياة تنشر دلائل الوحدانية على الارض وتسطرها عليها.ــ المؤلف.

لايوجد صوت