منها غير مقيـد وكأنها مركز لاكثر النجوم ضمن دائرة محيطها. فتمد خيوط العلاقات وخطوط الاواصر الى كل منها اشارة الى العلاقات الخفية فيما بين الموجودات قاطبة. وكأن كل نجمة - كنجوم الآيات الكريمة - تملك عيوناً باصرة الى النجوم كافة ووجوهاً متوجهة اليها جميعاً .
فشاهد كمال الانتظام في عدم الانتظام. واعتبر! واعلم من هذا سراً من أسرار الآية الكريمة ﴿وما علّمناه الشعر وما ينبغي له﴾(يس:69)
واعلم ايضاً حكمةً اخرى لـ﴿ وما ينبغي له﴾ مما يأتي:
ان شأن الشعر هو تجميل الحقائق الصغيرة الخامدة، وتزيينها بالخيال البراق، وجعلها مقبولة تجلب الاعجاب.. بينما حقائق القرآن من العظمة والسمو والجاذبية بحيث تبقى اعظم الخيالات واسطعها قاصرة دونها، وخافته امامها.
فمثلاً:قوله تعالى ﴿يومَ نطوي السماءَ كطي السّجل للكتب﴾ (الانبياء104) ﴿يُغشي الليلَ النهار يطلبُه حثيثاً﴾ (الاعراف:54) ﴿ان كانت الاّ صيحةً واحدةً فاذا هم جميعٌ لدينا مُحضَرون﴾ (يس:53). وامثالها من الحقائق التي لا حدّ لها في القرآن الكريم شاهدات على ذلك.
اذا شئت ان تشاهد وتتذوق كيف تنشر كلُ آية من القرآن الكريم نورَ اعجازها وهدايتها وتبدّد ظلمات الكفر كالنجم الثاقب؛ تصوَّر نفسَك في ذلك العصر الجاهلي وفي صحراء تلك البداوة والجهل. فبينا تجد كل شئ قد اسدل عليه ستار الغفلة وغشيه ظلام الجهل ولفّ بغلاف الجمود والطبيعة، اذا بك تشاهد وقد دّبت الحياة في تلك الموجودات الهامدة أو الميتة في اذهان السامعين فتنهض مسبّحةً ذاكرةً الله بصدى قوله تعالى ﴿يسبّح لله ما في السموات وما في الارض الملكِ القدوسِ العزيزِ الحكيم﴾ (الجمعة:1) وما شابهها من الآيات الجليلة.