﴿وَاِنْ مِنْ شَيءٍْ اِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبداً دائماً.
يا اخوتي في الدين ويا زملائي في السجن!.
لقد اُخطر لقلبي ان أبين لكم حقيقة مهمة، تنقذكم باذن الله من عذاب الدنيا والآخرة وهي كما أوضحها بمثال:
ان أحداً قد قتل شقيق شخص آخر أو أحد أقربائه. فهذا القتل الناجم من لذة غرور الانتقام التي لا تستغرق دقيقة واحدة تورثه مقاساة ملايين الدقائق من ضيق القلب وآلام السجن. وفي الوقت نفسه يظل اقرباء المقتول أيضاً في قلق دائم وتحين الفرص لأخذ الثأر، كلما فكروا بالقاتل ورأوا ذويه. فتضيع منهم لذة العمر ومتعة الحياة بما يكابدون من عذاب الخوف والقلق والحقد والغضب.
ولا علاج لهذا الأمر ولا دواء له الاّ الصلح والمصالحة بينهما، وذلك الذي يأمر به القرآن الكريم، ويدعو اليه الحق والحقيقة، وفيه مصلحة الطرفين، وتقتضيه الانسانية، ويحث عليه الاسلام.
نعم، ان المصلحة والحقيقة في الصلح، والصلح خير؛ لأن الأجل واحد لا يتغير، فذلك المقتول على كل حال ما كان ليظل على قيد الحياة ما دام أجله قد جاء. اما ذلك القاتل فقد أصبح وسيلة لذلك القضاء الإلهي، فإن لم يحل بينهما الصلحُ فسيظلان يعانيان الخوف وعذاب الانتقام مدة مديدة؛ لذا يأمر الاسلام بعدم هجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام. فان لم يكن ذلك القتل قد نجم من عداء أصيل ومن حقد دفين، وكان أحد المنافقين سبباً في اشعال نار الفتنة، فيلزم الصلح فوراً، لأنه لولا الصلح لعظمت تلك المصيبة الجزئية ودامت، بينما اذا ما تصالح الطرفان وتاب القاتل عن ذنبه، واستمر على الدعاء للمقتول، فان الطرفين يكسبان الكثير، حيث يدب الحب والتآلف بينهما، فيصفح هذا عن عدوه ويعفو عنه واجداً أمامه اخوة اتقياء أبراراً بدلاً من شقيق واحد راحل، ويستسلمان معاً لقضاء الله وقدره،