الكلمات | حاشية المقام الثاني من الكلمة الثالثة عشرة | 200
(196-204)

بضع سنين في السجن وسيلة نجاة من سجن أبدي لملايين السنين.
فهذا الربح العظيم مشروط لأهل الإيمان باداء الفرائض والتوبة الى الله من الذنوب والمعاصي التي دفعته الى السجن، والتوجه اليه تعالى بالشكر صابراً محتسباً. علماً ان السجن نفسه يحول بينه وبين كثير من الذنوب.
النقطة الثانية:
ان زوال الألم لذةٌ، كما ان زوال اللذة ألمٌ.
نعم! ان كل من يفكر في الأيام التي قضاها بالهناء والفرح يشعر في روحه حسرة وأسفاً عليها، حتى ينطلق لسانه بكلمات الحسرات: اواه.. آه.. بينما اذا تفكر في الأيام التي مرت بالمصائب والبلايا فانه يشعر في روحه وقلبه فرحاً وبهجة من زوالها حتى ينطلق لسانه بـ: الحمد لله والشكر له، فقد ولّت البلايا تاركة ثوابها. فينشرح صدره ويرتاح.
أي أن ألماً موقتاً لساعة من الزمان يترك لذة معنوية في الروح، بينما لذة موقتة لساعة من الزمان تترك ألماً معنوياً في الروح، خلافاً لذلك.
فما دامت الحقيقة هذه، وساعات المصائب التي ولّت مع آلامها أصبحت في عداد المعدوم، وان أيام البلايا لم تأت بعدُ، فهي ايضاً في حكم المعدوم.. وانه لا ألم من غير شئ.. ولا يرد من العدم ألمٌ.. فمن البلاهة اذن اظهار الجزع ونفاد الصبر الآن، من ساعات آلامٍ ولّت، ومن آلامٍ لم تأتِ بعدُ، علماً انها جميعاً في عداد المعدوم. ومن الحماقة أيضاً اظهار الشكوى من الله وترك النفس الأمارة المقصّرة من المحاسبة، ومن بعد ذلك قضاء الوقت بالحسرات والزفرات. أوَليس من يفعل هذا أشد بلاهة ممن يداوم على الأكل والشرب طوال اليوم خشية أن يجوع أو يعطش بعد أيام؟
نعم! ان الانسان اِن لم يشتت قوة صبره يميناً وشمالاً - الى الماضي والمستقبل - وسدّدها الى اليوم الذي هو فيه، فانها كافية لتحل

لايوجد صوت