الكلمات | نكتة توحيدية في لفظ (هو) | 216
(214-218)

في غاية القوة، حيث فيها قرينة الاشارة المطلقة المبهمة لضمير (هو) اي: الى مَن يعود؟ فعرفت عندئذٍ لماذا يكرر القرآن الكريم واهل الذكر هذه الكلمة عند مقام التوحيد.
نعم! لو أراد شخص ان يضع نقطة معينة ـ مثلاً ـ على ورقة بيضاء في مكان معين، فان الامر سهل، ولكن لو طُلب منه وضع نقاط عدة في مواضع عدة في آن واحد فالأمر يستشكل عليه ويختلط. كذلك يرزح كائن صغير تحت ثقل قيامه بعدة وظائف في وقت واحد. لذا فالمفروض أن يختلط النظام ويتبعثر عند خروج كلمات كثيرة في وقت واحد من الفم ودخولها الاذن معاً..
ولكني شاهدت بعين اليقين، وبدلالة لفظ (هو) هذا الذي اصبح مفتاحاً وبمثابة بوصلة، ان نقاطاً مختلفة تعد بالالوف وحروفاً وكلماتٍ توضع ـ أو يمكن ان توضع ـ على كل جزء من اجزاء الهواء الذي اسيح فيه فكراً بل يمكن ان توضع كلها على عاتق ذرة واحدة من دون ان يحدث اختلاط او تشابك أو ينفسخ النظام، علماً ان تلك الذرة تقوم بوظائف اخرى كثيرة جداً في الوقت نفسه، فلا يلتبس عليها شئ، وتحمل اثقالاً هائلة جداً من دون ان تبدي ضعفاً او تكاسلاً، فلا نراها قاصرة عن اداء وظائفها المتنوعة واحتفاظها بالنظام؛ اذ ترد الى تلك الذرات الوف الالوف من الكلمات المختلفة في انماط مختلفة واصوات مختلفة، وتخرج منها ايضاً في غاية النظام مثلما دخلت، دون اختلاط أو امتزاج ودون ان يفسد احداها الاخرى. فكأن تلك الذرات تملك آذاناً صاغية صغيرة على قدّها، وألسنة دقيقة تناسبها فتدخل تلك الكلمات تلك الآذان وتخرج من ألسنتها الصغيرة تلك.. فمع كل هذه الامور العجيبة فان كل ذرة ـ وكل جـزء من الهواء ـ تتـجــول بحـريـة تامـة ذاكرةً خالقها بلسان الحال وفي نشوة الجذب والوجد قائلة: ﴿لا إله الاّ هو﴾ و ﴿قل هو الله أحد﴾ بلسان الحقيقة المذكورة آنفاً وشهادتها.
وحينما تحدث العواصف القوية وتدّوي اهازيج الرعد، ويتلمع

لايوجد صوت