تقول بلســان حالها : ﴿قل هو الله أحد﴾ و ﴿لا إله الاّ هو﴾.
ومثلما شاهدت هذه الامور العجيبة في الجهة المادية من الهواء بهذا المفتاح، اعني مفتاح (هو) فعنصر الهواء برمته اصبح ايضاً كلفظ (هو) مفتاحاً لعالم المثال وعالم المعنى؛ اذ قد علمتُ ان عالم المثال كآلة تصوير عظيمة جداً تلتقط صوراً لا تعد ولا تحصى للحوادث الجارية في الدنيا، تلتقطها في آن واحد بلا اختلاط ولا التباس حتى غدا هذا العالم يضم مشاهد عظيمة وواسعة اُخروية تسع الوف الوف الدُنى تعرض اوضاع حالات فانية لموجودات فانية وتظهر ثمار حياتها العابرة في مشاهد ولوحات خالدة تعرض امام اصحاب الجنة والسعادة الأبدية في معارض سرمدية مذكّرةً اياهم بحوادث الدنيا وذكرياتهم الجميلة الماضية فيها.
فالحجة القاطعة على وجود اللوح المحفوظ وعالم المثال ونموذجها المصغر هو ما في رأس الانسان من قوة حافظة وما يملك من قوة خيال، فمع انهما لا تشغلان حجم حبة من خردل الاّ انهما تقومان بوظائفهما على اتم وجه بلا اختلاط ولا التباس وفي انتظام كامل واتقان تام، حتى كأنهما يحتفظان بمكتبة ضخمة جداً من المعلومات والوثائق. مما يثبت لنا أن تينك القوتين نموذجان للوح المحفوظ وعالم المثال.
وهكذا لقد عُلم بعلم اليقين القاطع ان الهواء والماء ولا سيما سائل النطف، واللذان يفوقان الترابَ في الدلالة على الله ــ الذي اوردناه في مستهل البحث ـ صحيفتان واسعتان يكتب فيهما قلمُ القدر والحكمة كتابة حكيمة بليغة، ويجريان فيهما الارادة وقلم القدر والقدرة. وان مداخلة المصادفة العشواء والقوة العمياء والطبيعة الصماء والاسباب التائهة الجامدة في تلك الكتابة الحكيمة محال في مائة محال وغير ممكن قطعاً.
(لم تُكتَّب بقية البحث في الوقت الحاضر) الف الف تحية وسلام الى الجميع