لنزل من القمر أو المشتري شخصٌ يُخبرك بغرائب أحوالهما، ويخبرك بحقيقة مستقبل أيامك؟ أظنك ترضى بالفداء. فيا للعجب؟ ترضى لدفع ما تتلهف اليه بنصف العمر والمال، ولا تهتم بما يقول هـذا النـبي الـكريم y ويصـدِّقه إجماعٌ اهل الشهود وتواتر أهل الاختصاص من الأنبياء والصديقين والأولياء والمحققين! بينما هو يبحث عن شؤون سلطانٍ، ليس القمر في مملكته إلاّ كذباب يطير حول فراش، وهذا يحوم حول سراج من بين ألوف من القناديل التي أسرجها في منزل من بين ألوف منازله الذي أعدّه لضيوفه.. وكذا يخبر عن عالمٍ هو محل الخوارق والعجائب، وعن انقلاب عجيب، بحيث لو انفلقت الارضُ وتطايرت جبالُها كالسحاب ما ساوتْ عُشر معشار غرائب ذلك الانقلاب. فإن شئت فاستمع من لسانه أمثال السور الجليلة:
﴿اِذا الشَّمْسُ كُوِّرتْ﴾و ﴿اِذا السّمآء انْفَطَرَتْ﴾ و﴿اِذا زُلْزِلَت الأرضُ زِلْزَالَها﴾ و﴿الْقارعة﴾.
وكذا يخبر بصدق عن مستقبل، ليس مستقبل الدنيا بالنسبة اليه إلا كقطرة سراب بلا طائل بالنسبة الى بحر بلا ساحل. وكذا يبشّر عن شهود بسعادة، ليست سعادة الدنيا بالنسبة اليها الاّ كبرقٍ زائلٍ بالنسبة الى شمس سرمدية.
الرشحة الحادية عشرة:
ان تحت حجاب هذه الكائنات - ذات العجائب والأسرار - تنتظرنا أمورٌ أعجب. ولابدَّ للإخبار عن تلك العجائب والخوارق من شخصٍ عجيبٍ خارقٍ يُستَشفّ من أحواله أنه يشاهِد ثم يَشهد، ويَبصُر ثم يُخبر.
نعم! نشاهد من شؤونه واطواره أنه يشاهد ثم يشهَد فيُنذر ويبشر. وكذا يُخبر عن مرضيات رب العالمين - الذي غمرنا بنعمه الظاهرة والباطنة - ومطالبه منا وهكذا...