ونوعيتها، فان كانت مسودّة فستظهر الصورة مسودّة.. وان كانت صقيلة فستظهر الصورة واضحة، وإلا فستظهر مشوهة تضخم أتفه شئ واصغره.. كذلك أنت، فبقلبك وبعقلك وبعملك يمكنك ان تغيري صورَ عالمكِ، وباختيارك وطوع ارادتك يمكنك ان تجعلي ذلك العالم يشهد لك أو عليك.
وهكذا ان ادّيت الصلاة وتوجهت بصلاتك الى خالق ذلك العالم ذي الجلال، فسيتنور ذلك العالم المتوجه اليك حالاً، وكأنك قد فتحت بنيّة الصلاة مفتاح النور فاضاءه مصباح صلاتك، وبدّد الظلمات فيه.. وعندها تتحول وتتبدل جميع الاضطرابات والاحزان التي حولك في الدنيا فتراها نظاماً حكيماً، وكتابة ذات معنى بقلم القدرة الربانية، فينساب نورٌ من انوار ﴿الله نور السموات والارض﴾ الى قلبك، فيتنور عالم يومك ذاك، وسيشهد بنورانيته لك عند الله..
فيا أخي! حذار ان تقول: أين صلاتي من حقيقة تلك الصلاة؟. اذ كما تحمل نواةُ التمرفي طياتها صفات النخلة الباسقة، الفرق فقط في التفاصيل والاجمال. كذلك صلاة العوام - من هم امثالي وامثالك - فيها حظٌ من ذلك النور وسرٌ من اسرار تلك الحقيقة، كما هي في صلاة ولي من أولياء الله الصالحين ولو لم يتعلق بذلك شعوره. أما تنورها فهي بدرجات متفاوتة، كتفاوت المراتب الكثيرة التي بين نواة التمر الى النخلة. ورغم أن الصلاة فيها مراتب اكثر فان جميع تلك المراتب فيها أساس من تلك الحقيقة النورانية.
اللّهم صل وسلم على من قال : (الصلاة عماد الدين)(1) وعلى آله وصحبه اجمعين.
(1) قال في المقاصد: رواه البيهقي في الشعب بسند ضعيف . واقول عزاه في الجامع الصغير للبيهقي عن ابن عمر.. واورده الغزالي في الاحياء، ورواه ابو نعيم عن بلال بن يحيى قال: جاء رجل الى النبي y يسأله عن الصلاة فقال: الصلاة عمود الدين. وهو مرسل ورجاله ثقات. (باختصار عن كشف الخفاء). المترجم.