الجميع منذ ذلك العصر، حتى غدا مضرب الأمثال.
وكذا فقد اظهر القرآن الكريم من الطراوة، والفتوة والنضارة والجدّة بحيث يحتفظ بها وكأنه قد نزل الآن، رغم مرور أربعة عشر قرناً من الزمان عليه، ورغم تيسر الحصول عليه للجميع. فكل عصر قد تلقاه شاباً نضراً وكأنه يخاطبه. وكل طائفة علمية مع انهم يجدونه في متناول ايديهم وينهلون منه كل حين، ويقتفون أثر اسلوب بيانه، يرونه محافظاً دائماً على الجدة نفسها في اسلوبه والفتوة عينها في طُرز بيانه.
النقطة الخامسة: ان القرآن الكريم قد بسط أحد جناحيه نحو الماضي والآخر نحو المستقبل، فالحقيقة التي اتفق عليها الأنبياء السابقون هي جذر القرآن وأحد جناحيه، فهو يصدقهم ويؤيدهم، وهم بدورهم يؤيدونه ويصدقونه بلسان حال التوافق.
وكذلك فان الأولياء الصالحين، والعلماء الاصفياء هم ثمار استمدت الحياة من شجرة القرآن الكريم، فتكاملهم الحيوي يدل على ان شجرتهم المباركة هي ذات حياة وعطاء، وذات فيض دائم وذات حقيقة واصالة، فالذين انضووا تحت حماية جناحه الثاني، وعـاشــوا فــي ظــلالــه من أصحاب جميــع طـرق الـولاية الحـقة، واربــاب جميع العلوم الاسلامية الحقة يشهدون ان القرآن هو عين الحق، ومجمع الحقائق، ولا مثيل له في جامعيته وشموليته، فهو معجزة باهرة.
النقطة السادسة: ان الجهات الست للقرآن الكريم منورة مضيئة، مما يُبين صدقه وعدله.
نعم، فمن تحته أعمدة الحجج والبراهين، وعليه تتألق سكة الاعجاز وبين يديه - وهدفه - هدايا سعادة الدارين، ومن خلفه - أي نقطة استناده - حقائق الوحي السماوي، وعن يمينه تصديق ما لايحد من أدلة العقول المستقيمة، وعن يساره الاطمئنان الجاد والانجذاب الخالص والاستسلام التام للقلوب السليمة والضمائر الطاهرة.