غزيرة جداً تبلغ عدد اوراق الحَوَر. وقد اثبتت رسائل النور ان تلك الوظائف والحكم تنقسم الى ثلاثة أقسام:
القسم الاول: وهو المتوجه الى الاسماء الحسنى للصانع الجليل. فكما ان صانعاً ماهراً اذا ما قام بصنع ماكنة بديعة، يثني عليه الجميع ويقدرون صنعته ويباركون ابداعه، فان تلك الماكنة هي بدورها كذلك تبارك صانعها وتثني عليه بلسان حالها، وذلك باراءتها النتائج المقصودة منها اراءة تامة.
اما القسم الثاني: فهو المـتوجه الى انظــار ذوي الحياة وذوي الشعـور من المخلوقات أي يكون موضــع مطالعة حلــوة وتأمل لذيذ، فيــكون كل شــئ كأنه كتاب معرفة وعـلـم، ولا يغادر هذا العالَم - عالم الشهادة - الاّ بعد وضع معانيه في اذهان ذوي الشعور، وطبع صوره في حافظتهم، وانطباع صورته في الالواح المثالية لسجلات علم الغيب، أي لا ينسحب من عالم الشهادة الى عالم الغيب إلا بعد دخوله ضمن دوائر وجود كثيرة ويكسـب انواعا من الوجود المعنـوي والغيـبي والعلمي.
نعم ما دام الله موجوداً، وعلمه يحيط بكل شئ، فلابد ان لا يكون هناك في عالم المؤمن عدم، واعدام، وانعدام، وعبث، ومحو، وفناء، من زاوية الحقيقة.. بينما دنيا الكفار زاخرة بالعدم والفراق والانعدام ومليئة بالعبث والفناء ومما يوضح هذه الحقيقة ما يدور على الالسنة من قول مشهور هو: (من كان له الله كان له كل شئ، ومن لم يكن له الله لم يكن له شئ).
الخلاصة: ان الايمان مثلما ينقذ الانسان من الاعدام الأبدي اثناء الموت، فهو ينقذ دنيا كل شخص ايضاً من ظلمات العدم والانعدام والعبث. بينما الكفر - ولا سيما الكفر المطلق - فانه يعدم ذلك الانسان، ويعدم دنياه الخاصة به بالموت. ويلقيه في ظلمات جهنم معنوية محولاً لذائذ حياته آلاماً وغصصاً.
فلْترنّ آذان الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة، وليأتوا