مِن خلق هذا الشجر..
فالبشر ثمرٌ لهذه الكائنات، فهو المقصود الأظهر لخالق الموجودات. والقلبُ كالنواة، فهو المرآة الأنور، لصانع المخلوقات من هذه الحكمة. فالانسان الاصغرُ في هذه الكائنات هو المدار الاظهرُ للنشر والمحشر في هذه الموجودات، والتخريبِ والتبديلِ والتحويلِ والتجديد لهذه الكائنات.
ومبدأ هذه الفقرة العربية هو:
فسبحان مَن جعل حديقةَ ارضِه مَشْهَر صَنعتِه، مَحْشَرَ فِطرتَه، مَظْهَر قُدرته، مَدار حِكمته، مَزْهَر رحمته، مَزْرَع جنته، ممرَّ المخلوقات، مَسيلَ الموجودات، مَكيلَ المصنوعات.
فمُزَيَّنُ الحيواناتِ، مُنَقّشُ الطيورات، مثمَّرُ الشجرات، مزهَّرُ النباتات؛ معجزاتُ عِلمه، خوارقُ صُنعه، هدايا جُودِه، براهينُ لطفه.
تبسُّمُ الازهارِ من زينةِ الاثمار، تسجُّعُ الاطيارِ في نَسمةِ الأسحار، تهزُّجُ الأمطارِ على خدودِ الازهار، ترحُّمُ الوالدات على الاطفالِ الصغارِ.. تعرُّفُ ودودٍ، تودّد رحمن، ترحُّم حنّان، تحنن منّان، للجن والانسان، والروح والحيوان والملك والجان.
وتوضيح هذا التفكر الذي ورد باللغة العربية هو:
ان جميع الاثمار وما فيها من بذيرات، معجزات الحكمة الإلهية.. خوارق الصنعة الإلهية.. هدايا الرحمة الإلهية.. براهين مادية للوحدانية.. بشائر الألطاف الإلهية في الدار الآخرة.. شواهد صادقة بأن خلاّقها على كل شئ قدير، وبكل شئ عليم.. فالبذور والاثمار، مرايا الوحدة في اقطار عالم الكثرة، وفي اطراف هذه الشجرة المتشعبة كالعالم، تُصرِف الانظارَ من الكثرة الى الوحدة.
فكل ثمر وبذر يقول بلسان الحال: لا تتشتت في هذه الشجرة الضخمة الممتدة الاعضاء والعروق فكل ما فيها فينا، كثرتُها داخلة ضمن وحدتنا، حتى ان البذرة - وهي كقلب الثمرة - هي الاخرى