الكلمات | الكلمة التاسعة | 54
(45-55)

الكبرى لجميع المخلوقات كيف أن انواع الموجودات في كل سنة، وفي كل عصر ـ كالمخلوقات النائمة في هذا الليل ــ بل حتى الارض نفسها وحتى العالم كله، انما هي كالجيش المنظم، بل كالجندي المطيع، عندما تسرّح من وظيفتها الدنيوية بأمر: ﴿كن فيكون﴾ أي عندما تُرسل الى عالم الغيب تسجد في منتهى النظام في الزوال على سجادة الغروب مكبّرة ﴿الله اكبر﴾. وهي تُبعث وتُحشر كذلك في الربيع بنفسها أو بمثلها، بصيحة احياء وايقاظٍ صادر من أمر ﴿كن فيكون﴾ فيتأهب الجميع في خضوع وخشوع لأمر مولاهم الحق. فهذا الانسان الـضعيف اقتداء بتلك المخلوقات، يهوي الى السجود امام ديوان الرحمن ذي الكمال والرحيم ذي الجمال قائلاً: (الله اكبر) في حبٍ غامرٍ بالأعجاب وفي فنائيةٍ مفعمة بالبقاء وفي ذلّ مكللٍ بالعز.
فلا شك يا أخي قد فهمت ان اداء صلاة العشاء سموٌ وصعودٌ فيما يشبه المعراج، وما أجملها من وظيفةٍ وما احلاها من واجبٍ وما اسماها من خدمةٍ وما اعزّها وألذّها من عبودية وما أليقها من حقيقة اصيلة!
اي ان كل وقت من هذه الاوقات اشارات لانقلاب زمني عظيم، وأمارات لاجراءات ربانية جسيمة، وعلامات لإنعامات إلهية كلية، لذا فان تخصيص صلاة الفرض ـ التي هي دَين الفطرة ـ في تلك الاوقات هو منتهى الحكمة.

﴿سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنآ اِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا اِنِّكَ اَنْتَ العَليمُ الحَكيمُ﴾
اللّهم صل وسلم على مَن ارسلته معلّماً لعبادك، ليعلّمهم كيفية معرفتك والعبودية لك، ومعرّفاً لكنوز اسمائك، وترجماناً لايات كتاب كائناتك، ومرآةً بعبوديته لجمال ربوبيتك، وعلى آله وصحبه اجمعين

لايوجد صوت