الكلمات | الكلمة التاسعة | 51
(45-55)

((الحمد لله)) أمام كماله الذي لا نقص فيه، وامام جماله الذي لا مثيل له، واقفاً أمام رحمته الواسعة ليقول: ﴿اياك نعبد واياك نستعين﴾. ليعرض عبوديته واستعانته تجاه ربوبية مولاه التي لا معين لها وتجاه الوهيته التي لا شريك لها، وتجاه سلطنته التي لا وزير لها. فيركع اظهاراً لعجزه وضعفه وفقره مع الكائنات جميعاً أمام كبريائه سبحانه التي لا منتهى لها، وامام قدرته التي لا حدّ لها، وامام عزته التي لا عجز فيها، مسبحاً ربّه العظيم قائلاً: ( سبحان ربي العظيم). ثم يهوي الى السجود امام جمال ذاته الذي لا يزول، وامام صفاته المقدسة التي لا تتغير، وامام كمال سرمديته الذي لا يتبدل، مُعلناً بذلك حبَّه وعبوديته في اعجاب وفناء وذلٍ، تاركاً ما سواه سبحانه قائلاً: (سبحان ربي الأعلى) واجداً جميلاً باقياً ورحيماً سرمدياً بدلاً من كل فانٍ. فيقدس ربَّه الاعلى المنزَّه عن الزوال المبرأ من التقصير ويجلس للتشهد، فيقدّم التحيات والصلوات الطيبات لجميع المخلوقات هديةً باسمه الى ذلك الجميل الذي لم يزل والى ذلك الجليل الذي لا يزال، مجدداً بيعتَه مع رسوله الاكرم بالسلام عليه مُظهراً بها طاعته لأوامره، فيرى الانتظام الحكيم لقصر الكائنات هذا، ويُشهِدُه على وحدانية الصانع ذي الجلال، فيجدّد ايمانه وينوّره، ثم يشهد على دلاّل الربوبية ومبلّغ مرضياتها وترجمان آيات كتاب الكون الكبير ألا وهو محمد العربي y . فما ألطفَ وما أنزه أداء صلاة المغرب وما أجلّها من مهمة ـ بهذا المضمون ـ وما أعزّها واحلاها من وظيفة، وما أجملها وألذّها من عبودية، وما أعظمها من حقيقة اصيلة! وهكذا نرى كيف انها صُحبة كريمة وجلسة مباركة وسعادة خالدة في مثل هذه الـضيافة الفانية.. أفيحسب مَن لم يفهم هذا نفسه أنساناً؟.
(وعند وقت العشاء) ذلك الوقت الذي تغيب في الأفق حتى تلك البقية الباقية من آثار النهار، ويخيّم الليلُ فيه على العالم، فيذكّر بالتصرفات الربانية لـ(مقلب الليل والنهار) وهو القدير ذو الجلال في قلبه تلك الصحيفة البيضاء الى هذه الصحيفة السوداء.. ويذكّر كذلك

لايوجد صوت