الكلمات | الكلمة التاسعة | 50
(45-55)

طيبة. وهو كذلك وقت الاعلان بان الانسان ضيف مأمور، وبأن كل شئ يزول وهو بلا ثبات ولا قرار، وذلك بما يشير اليه انحناء الشمس الـضخمة الى الاُفول.
نعم ان روح الانسان التي تنشد الابدية والخلود، وهي التي خُلقت للبقاء والابد، وتعشق الاحسان، وتتألم من الفراق، تُنهض بهذا الانسان ليقوم وقت العصر ويسبغ الوضوء لاداء صلاة العصر، ليناجي متضرعاً امام باب الحضرة الصمدانية للقديم الباقي وللقيوم السرمدي، وليلتجئ الى فضل رحمته الواسعة، وليقدم الشكر والحمد على نعمه التي لا تحصى، فيركع بكل ذلٍّ وخضوع أمام عزة ربوبيته سبحانه ويهوي الى السجود بكل تواضع وفناء امام سرمدية الوهيته، ويجد السلوان الحقيقي والراحة التامة لروحه بوقوفه بعبودية تامة وباستعداد كامل امام عظمة كبريائه جل وعلا. فما اسماها من وظيفةٍ تأديةُ صلاة العصر بهذا المعنى! وما أليقها من خدمة! بل ما احقّه من وقتٍ لقضاء دَين الفطرة، وما اعظمه من فوزٍ للسعادة في منتهى اللذة! فمن كان انساناً حقاً فسيفهم هذا.
(وعند وقت المغرب) الذي يذكّر بوقت غروب المخلوقات اللطيفة الجميلة لعالم الصيف والخريف في خزينة الودائع منذ ابتداء الشتاء، ويذكّر بوقت دخول الانسان القبر عند وفاته وفراقه الأليم لجميع أحبته، وبوفاة الدنيا كلها بزلزلة سكراتها وانتقال ساكنيها جميعاً الى عوالم اخرى. ويذكّر كذلك بانطفاء مصباح دار الامتحان هذه. فهو وقت ايقاظٍ قوي وانذارٍ شديد لاولئك الذين يعشقون لحد العبادة المحبوبات التي تغرب وراء اُفق الزوال. لذا فالانسان الذي يملك روحاً صافية كالمرآة المجلوة المشتاقة فطرةً الى تجليات الجمال الباقي، لأجل اداء صلاة المغرب في مثل هذا الوقت يولّي وجهه الى عرش عظمة مَن هو قديم لم يزل، ومن هو باقٍ لا يزال، ومَن هو يدبر أمر هذه العوالم الجسيمة ويبدّلها، فيدّوي بصوته قائلاً: (الله اكبر) فوق رؤوس هذه المخلوقات الفانية، مُطلقاً يده منها، مكتوفاً في خدمة مولاه الحق منتصباً قائماً عند مَن هو دائمٌ باقٍ جل وعلا ليقول:

لايوجد صوت