الكلمات | الكلمة التاسعة | 52
(45-55)

بالاجراءات الإلهية لـ(مسخر الشمس والقمر) وهو الحكيم ذو الكمال في قلبه الصحيفة الخضراء المزيِّنة للصيف الى الصحيفة البيضاء الباردة للشتاء.. ويذكّر كذلك بالشؤون الإلهية لـ(خالق الموت والحياة) بانقطاع الآثار الباقية ــ بمرور الزمن ــ لأهل القبور من هذه الدنيا وانتقالها كلياً الى عالم آخر. فهو وقت يذكّر بالتصرفات الجلالية، وبالتجليات الجمالية لخالق الارض والسموات، وبانكشاف عالم الآخرة الواسع الفسيح الخالد العظيم، وبموت الدنيا الضيقة الفانية الحقيرة، ودمارها دماراً تاماً بسكراتها الهائلة. انها فترة ـ أو حالة ـ تُثبت أن المالك الحقيقي لهذا الكون بل المعبود الحقيقي والمحبوب الحقيقي فيه لا يمكن ان يكون إلاّ مَن يستطيع ان يقلّب الليل والنهار والشتاء والصيف والدنيا والآخرة بسهولة كسهولة تقليب صفحات الكتاب، فيكتب ويثبت ويمحو ويبدل، وليس هذا إلاّ شأن القدير المطلق النافذ حكمه على الجميع جلّ جلاله.
وهكذا فروح البشر التي هي في منتهى العجز وفي غاية الفقر والحاجة، والتي هي في حيرة من ظلمات المستقبل وفي وَجَل مما تخفيه الايام والليالي.. تدفع الانسان عند ادائه لصلاة العشاء ـ بهذا المضمون ـ ان لا يتردد في أن يردد على غرار سيدنا ابراهيم عليه السلام ﴿لا أحبُّ الآفلين﴾. فيلتجئ بالصلاة الى باب مَن هو المعبود الذي لم يزل ومَن هو المحبوب الذي لا يزال، مناجياً ذلك الباقي السرمدي في هذه الدنيا الفانية، وفي هذا العالم الفاني، وفي هذه الحياة المظلمة والمستقبل المظلم، لينشر على ارجاء دنياه النور من خلال صحبة خاطفةٍ ومناجاة موقتة، ولينّور مستقبله ويضمد جراح الزوال والفراق عما يحبّه من أشياء وموجودات ومن اشخاص واصدقاء وأحباب، بمشاهدة توجّه رحمةِ الرحمن الرحيم، وطلب نور هدايته، فينسى ـ بدوره ـ تلك الدنيا التي أنسته، والتي اختفت وراء العشاء،

لايوجد صوت