الكلمات | الكلمة العاشرةالمقدمة | 124
(122-135)

ان الحياة العائلية هي مركز تجمّع الحياة الدنيوية ولولبها وهي جنة سعادتها وقلعتها الحصينة وملجأها الامين. وان بيت كل فرد هو عالمَه ودنياه الخاصة. فلا سعادة لروح الحياة العائلية اِلاّ بالاحترام المتبادل الجاد والوفاء الخالص بين الجميع، والرأفة الصادقة والرحمة التي تصل الى حد التضحية والايثار. ولا يحصل هذا الاحترام الخالص والرحمة المتبادلة الوفية اِلاّ بالايمان بوجود علاقات صداقة أبدية، ورفقة دائمة، ومعيّة سرمدية، في زمن لا نهاية له، وتحت ظل حياة لا حدود لها، تربطها علاقات أبوّةٍ محترمة مرموقة، واخوةٍ خالصة نقية، وصداقةٍ وفيّة نزيهة، حيث يحدّث الزوجُ نفسه: (ان زوجتي هذه رفيقة حياتي وصاحبتي في عالم الابد والحياة الخالدة، فلا ضير اِن اصبحت الان دميمة أو عجوزاً، اذ إن لها جمالاً أبدياً سيأتي، لذا فأنا مستعد لتقديم اقصى ما يستوجبه الوفاء والرأفة، وأضحي بكل ما تتطلبه تلك الصداقة الدائمة).. وهكذا يمكن أن يكنّ هذا الرجل حباً ورحمة لزوجته العجوز كما يكنّه للحور العين. والاّ فان صحبة وصداقة صورية تستغرق ساعة أو ساعتين ومن ثم يعقبها فراق أبدي ومفارقة دائمة لهي صحبة وصداقة ظاهرية لا اساس لها ولا سند. ولا يمكنها ان تعطي الاّ رحمة مجازية، واحتراماً مصطنعاً، وعطفاً حيواني المشاعر، فضلاً عن تدخُل المصالح والشهوات النفسانية وسيطرتها على تلك الرحمة والاحترام فتنقلب عندئذٍ تلك الجنة الدنيوية الى جحيم لا يطاق.
وهكذا فان نتيجة واحدة للايمان بالحشر من بين مئات النتائج التي تتعلق بالحياة الاجتماعية للانسان، وتعود اليها، والتي لها مئات الأوجه والفوائد، اذا ما قيست على تلك الدلائل الاربعة المذكورة آنفاً، يُدرك أن وقوع حقيقة الحشر وتحققها قطعي كقطعية ثبوت حقيقة الانسان السامية وحاجاته الكلية. بل هي اظهر دلالة من حاجة المعدة الى الاطعمة والاغذية، واوضح شهادةً منها. ويمكن ان يقدّر مدى تحققها تحققاً أعمق واكثر اذا ما سلبت الانسانية من هذه الحقيقة، الحشر، حيث تصبح ماهيتها التي هي سامية ومهمة وحيوية بمثابة

لايوجد صوت