الكلمات | المقام الثاني | 187
(186-190)

هذان الشقان بديهيان، لا يحتاجان الى دليل، اذ يمكن مشاهدتهما رأي العين.
فما دام الاجلُ مستوراً عنا بستار الغيب، والموتُ يمكنه أن يدركنا في كل حين، يضرب عنق الانسان دون تمييز بين الشاب والشيخ، فلا شك أن الانسان الضعيف الذي يرى هذه القضية المذهلة أمام عينيه، في كل وقت، سوف يتحرى عما ينجيه من ذلك الاعدام، ويبحث عما يحوّل له بابَ القبر من ظلمة قاتمة الى نور ساطع ينفتح الى عالم خالد ورياض مونقة في عالم النور والسعادة الخالدة.. ولا ريب أن هذه المسألة هي القضية الكبرى لدى الانسان، بل هي أعظم و أجلّ من الدنيا كلها.
ان ظهور هذه الحقيقة، حقيقة الموت والقبر، بالطرق الثلاثة المتقدمة، ينبئ بها مائة وأربعة وعشرون ألفاً من المخبرين الصادقين، وهم الانبياء الكرام عليهم السلام الحاملون لواء تصديقهم الذي هو معجزاتهم الباهرة.. وينبىء بها مائة وأربعة وعشرون مليوناً من الاولياء الصالحين، يصدّقون ما أخبر به أولئك الانبياء الكرام، ويشهدون لهم على الحقيقة نفسها بالكشف والذوق والشهود.. وينبئ بها ما لا يعد ولا يحصى من العلماء المحققين، يثبتون ما أخبر به أولئك الانبياء والاولياء بأدلتهم العقلية القاطعة البالغة درجة علم اليقين(1)، وبما يصل الى تسع وتسعين بالمئة من الثبوت والجزم.. فالجميع يقررون:
أن النجاة من الاعدام الابدي، والخلاص من السجن الانفرادي، وتحويل الموت الى سعادة أبدية، انما تكون بالايمان بالله وطاعته ليس الاّ.
نعم! لو سار أحدُهم في طريقٍ غيرَ مكترث بقول مخبر عن وجود خطر مهلك، ولو باحتمال واحد من المائة، أليس ما يحيط به من قلق وخوف عما يتصوره ويتوقعه من مخاطر كافياً لقطع شهيته عن

(1) احد اولئك رسائل النور كما يراها الجميع. ـ المؤلف.

لايوجد صوت