الكلمات | الكلمة السابعة عشرة | 264
(261-264)

علم الحقيقة، ويعلّمه بنور الحقيقة ماهية الدنيا، حتى يغدو عشقها والركون اليها تافهاً لا معنى له.. اي يقول له ويثبت:
ان الدنيا كتاب رباني صمداني مفتوح للانظار، حروفه وكلماته لا تمثل نفسها، بل تدل على ذات بارئها وعلى صفاته الجليلة واسمائه الحسنى، ولهذا، افهم معانيها وخذ بها، ودَع عنك نقوشها وامض الى شانك..
واعلم انها مزرعة للآخرة، فازرع واجنِ ثمراتها واحتفظ بها، واهمل قذاراتها الفانية..
واعلم انها مجاميع مرايا متعاقبة، فتعرّف الى مَن يتجلى فيها، وعاين انواره، وادرك معاني اسمائه المتجلية فيها واحبب مسمّاها، واقطع علاقتك عن تلك القطع الزجاجية القابلة للكسر والزوال.. واعلم انها موضع تجارة سيار، فقم بالبيع والشراء المطلوب منك، دون ان تلهث وراء القوافل التي اهملتك وجاوزتك، فتتعب..
واعلم انها متنزّه مؤقت فاسرح ببصرك فيها للعبرة، ودقق في الوجه الجميل المتستر، المتوجه الى الجميل الباقي، واعرض عن الوجه القبيح الدميم المتوجه الى هوى النفس، ولا تبك كالطفل الغرير عند انسدال الستائر التي تريك تلك المناظر الجميلة..
واعلم انها دار ضيافة، وانت فيها ضيف مكرم، فكل واشرب باذن صاحب الضيافة والكرم، وقدّم له الشكر، ولا تتحرك الاّ وفق اوامره وحدوده، وارحل عنها دون ان تلتفت الى ورائك.. واياك أن تتدخل بفضول بامور لا تعود اليك ولا تفيدك بشئ، فلا تغرق نفسك بشؤونها العابرة التي تفارقك.
وهكذا بمثل هذه الحقائق الظاهرة يخفف سبحانه وتعالى عن الانسان كثيراً من آلام فراق الدنيا، بل قد يحببه الى النابهين اليقظين، بما يظهر سبحانه عليه من اسرارحقيقة الدنيا، وانه اثرٍ من آثار رحمته الواسعة في كل شئ، وفي كل شأن. واذ يشير القرآن الكريم

الى هذه الوجوه الخمسة، فان آيات كريمة تشير الى وجوه خاصة اخرى كذلك.
فيا لتعاسة من ليس له حظ من هذه الوجوه الخمسة.

لايوجد صوت