تكرار الصلاة هو توهمكِ الابدية والخلود، فتظهرين الدلال وكأنك بترفك مخلّدة في هذه الدنيا.
فان كنت تفهمين ان عمركِ قصير، وانه يمضي هباء دون فائدة، فلا ريب أن صرف جزء من اربعة وعشرين منه في اداء خدمة جميلة ووظيفة مريحة لطيفة، وهي رحمة لك ووسيلة لحياة سعيدة خالدة، لا يكون مدعاة الى الملل والسأم، بل وسيلة مثيرة لشوق خالص ولذوقٍ رائع رفيع.
التنبيه الثاني:
يا نفسي الشرهة!.. انكِ يومياً تاكلين الخبز، وتشربين الماء، وتتنفسين الهواء، أما يورث هذا التكرار مللاً وضجراً؟.. كلا.. دون شك.. لان تكرار الحاجة لا يجلب الملل بل يجدّد اللذة، لهذا؛ فالصلاة التي تجلب الغذاء لقلبي، وماء الحياة لروحي، ونسيم الهواء للّطيفة الربانية الكامنة في جسمي، لابد انها لا تجعلك تملّين ولا تسأمين ابداً.
نعم! ان القلب المتعرض لأحزانٍ وآلام لا حدّ لها، المفتون بآمال ولذائذ لا نهاية لها، لا يمكنه ان يكسب قوةً ولا غذاء الاّ بطرقِ باب الرحيم الكريم، القادر على كل شئ بكل تضرع وتوسل.
وان الروح المتعلقة باغلب الموجودات الآتية والراحلة سريعاً في هذه الدنيا الفانية، لا تشرب ماء الحياة الاّ بالتوجه بالصلاة الى ينبوع رحمة المعبود الباقي والمحبوب السرمدي.
وان السر الانساني الشاعر الرقيق اللطيف، وهو اللطيفة الربانية النورانية، والمخلوق للخلود، والمشتاق له فطرةً والمرآة العاكسة لتجليات الذات الجليلة.. لابد انه محتاج أشد الحاجة الى التنفس، في زحمة وقساوة وضغوط هذه الاحوال الدنيوية الساحقة الخانقة العابرة المظلمة، وليس له ذلك الاّ بالاستنشاق من نافذة الصلاة.
التنبيه الثالث:
يا نفسي الجزعة!.. انك تضطربين اليوم من تذكر عناء العبادات التي قمت بها في الأيام الماضية، ومن صعوبات الصلاة وزحمة