المصائب السابقة، ثم تتفكرين في واجبات العبادات في الايام المقبلة وخدمات اداء الصلوات، وآلام المصائب، فتظهرين الجزع، وقلة الصبر ونفاده. هل هذا أمرٌ يصدر ممَّن له مسكة من عقل؟.
ان مثلكِ في عدم الصبر هذا مثلُ ذلك القائد الاحمق الذي وجَّه قوةً عظيمة من جيشه الى الجناح الأيمن للعدو، في الوقت الذي إلتحقَ ذلك الجناح من صفوف العدو الى صفّه، فاصبح له ظهيراً. ووجّه قوته الباقية الى الجناح الايسر للعدو، في الوقت الذي لم يكن هناك أحدٌ من الجنود. فأدرك العدو نقطة ضعفه فسدد هجومَه الى القلب فدمّره هو وجيشَه تدميراً كاملاً.
نعم انك تشبهين هذا القائد الطائش، لأن صعوبات الايام الماضية وأتعابها قد ولّت، فذهبت آلامُها وظلت لذّتها وانقلبت مشقتها ثواباً، لذا لا تولّد مللاً بل شوقاً جديداً وذوقاً نديّاً وسعياً جاداً دائماً للمضي والاقدام. أما الايام المقبلة، فلأنها لم تأتِ بعدُ، فان صرف التفكير فيها من الآن نوعٌ من الحماقة والبله، اذ يشبه ذلك، البكاء والصراخ من الآن، لما قد يحتمل ان يكون من العطش والجوع في المستقبل!.
فما دام الامر هكذا، فان كان لك شئ من العقل، ففكري من حيث العبادة في هذا اليوم بالذات. قولي: سأصرف ساعة منه في واجبٍ مهم لذيذ جميل، وفي خدمةٍ سامية رفيعة ذات أجر عظيم وكلفة ضئيلة.. وعندها تشعرين أن فتورك المؤلم قد تحوّل الى همة حلوة، ونشاط لذيذ.
فيا نفسي الفارغة من الصبر.. انك مكلفة بثلاثة أنواع من الصبر.
الأول: الصبر على الطاعة.
الثاني: الصبر عن المعصية.
الثالث: الصبر عند البلاء.
فان كنتِ فطنة فخذي الحقيقة الجلية في مثال القائد - في هذا التنبيه - عبرةً ودليلاً، وقولي بكل همة ورجولة: يا صبور. ثم خذي على عاتقك الانواع الثلاثة من الصبر. واستندي الى قوة الصبر