للصعود والهبوط. وهكذا اُرسل هذا الانسانُ معجزةَ قدرةٍ، ونتيجةَ خلقةٍ، وأعجوبةَ صنعةٍ.
وسنبين هنا اسرار هذا الترقي والعروج الرائع، أو التدنّي والسقوط المرعب في (خمسِ نكات).
النكتة الأولى
ان الانسانَ محتاجٌ الى اكثر انواع الكائنات وهو ذو علاقة صميمية معها. فلقد انتشرت حاجاتُه في كل طرف من العالم، وامتدت رغباتُه وآمالُه الى حيث الأبد، فمثلـما يطلب أقحـوانةً، يطلب أيضاً ربيعاً زاهياً فسيحاً، ومثلما يرغب في مَرجٍ مبهج يرغب أيضاً في الجنة الأبدية، ومثلما يتلهّف لرؤية محبوبٍ له يشتاق ايضاً ويتوق الى رؤية الجميل ذي الجلال في الجنة، ومثلما أنه محتاجٌ الى فتح باب غرفة لرؤية صديق حميم قابعٍ فيها، فهو محتاجٌ أيضاً الى زيارة عالمِ البرزخ الذي يقبعُ فيه تسـع وتسعون بالمائة من أحبابه وأقرانه. كما هـو محتاج الى اللواذ بباب القدير المطـلـق الـذي سيغـلق بابَ الكـون الأوسـع ويفتـح بابَ الآخـرة الزاخـرة والمحــشـورة بالعجـائب، والذي سيرفع الدنيا ليضـع مكانَها الآخرةَ انقاذاً لهذا الانسان المسكينِ من ألمِ الفراق الأبدي.
لذا فلا معبود لهذا الانسان وهذا وضعُه، الاّ مَن بيده مقاليدُ الأمور كلها، ومَن عنده خزائنُ كل شئ. وهو الرقيبُ على كل شئ، وحاضرٌ في كل مكان، ومنزّهٌ من كل مكان، ومبرّأٌ من العجز، ومقدَّسٌ من القصور، ومتـعـالٍ عن النقـص، وهو القادر ذو الجلال، وهو الرحيم ذو الجمال، وهـو الحكيـــم ذو الكــمــال. ذلك لأنه لايستطيع أحدٌ تلبـية حاجات انــسانٍ بآمــالٍ ومطــامــحَ غــير محــدودة الاّ مَن له قـُـدرة لا نهاية لها وعلم محيط شامل لا حدود له إذ لا يستحق العبادة الاّ هو.
فيا أيها الانسان! اذا آمنتَ بالله وحدَه وأصبحتَ عبداً له وحدَه، فُزتَ بموقعٍ مرموقٍ فوق جميع المخلوقات. أما اذا استنكفتَ من العبودية وتجاهلتَها فسوف تكون عبداً ذليلاً أمام المخلوقات العاجزة، واذا ما تباهيتَ بقدرتك وأنانيتك، وتخلّيتَ عن الدعاء والتوكل،