ان هناك مَن يسمع خواطر قلبه، وتصل يدُه الى كل شئ، ومَن هو القادرُ على تلبية جميع رغباته وآمالِه، ومَن يرحم عجزه ويُواسي فقرَه.
فيا أيها الانسان العاجز الفقير! اياك ان تتخلّى عن مفتاح خزينةِ رحمة واسعة ومصدر قوة متينة، ألا وهو الدعاءُ. فتشبَّث به لترتقيَ الى اعلى عليي الانسانية، واجعل دعاءَ الكائنات جزءاً من دعائك. ومن نفسك عبداً كلياً ووكيلاً عاماً بقولك ﴿إياكَ نَسْتَعينُ﴾ وكن أحسنَ تقويمٍ لهذا الكون.
المبحث الثاني
(وهو عبارة عن خمسِ نكات تدورحول سعادة الانسان وشقاوته)
ان الانسانَ نظراً لكونه مخلوقاً في أحسنِ تقويمٍ وموهوباً بأتمّ استعدادٍ جامع، فانه يتمكن من أن يدخل في ميدان الامتحان هذا الذي اُبتلي به ضمن مقاماتٍ ومراتبَ ودرجاتٍ ودركات مصفوفة ابتداءً من سجين (أسفل سافلين) الى رياض (أعلى عليين) فيسمو أو يتردى، ويرقى أو يهوي ضمن درجاتٍ من الثرى الى العرش الأعلى، من الذرة الى المجرّة، اذ قد فُسِحَ المجالُ أمامَه للسلوك في نجدين لا نهاية لهما