الكلمات | الكلمة الثالثة والعشرون | 420
(405-435)

جميــع الكائــنات، حتى إن ما يُطلق عليه: (الانسانية) التي هي قصيدة حكيمةٌٍ منظومةٌ تعلن اعلاناً لطيفاً جميع تجليات الأسماء الإلهية القدسية، وهي معجزةُ قدرةٍ باهرة جامعةٍ كالنواة لأجهزة شجرةٍ دائمةٍ باقية. هذه (الانسانية) يقذفُها الكفرُ من صورتها الحيّة التي تفوّقت بها على الارض والجبال والسماوات بما أخذتْ على عاتقها من الأمانة الكبري وفُضّلت على الملائكة وترجّحت عليها حتى أصبحت صاحبةَ مرتبةِ خلافة الأرض - يقذفها من هذه القمة السامية العالية الى دَركات هي أذلُّ وأدنى من أي مخلوقٍ ذليل فانٍ عاجزٍ ضعيف فقير، بل يُرديها الى دركة أتفهِ الصور القبيحة الزائلة سريعاً.
وخلاصة القول: ان النفس الأمارة بإمكانها اقتراف جنايةٍ لا نهاية لها في جهة الشر والتخريب، أما في الخير والايجاد فان طاقتها محدودة وجزئية؛ اذ الانسان يستطيع هدمَ بيتٍ في يوم واحد الاّ أنه لا يستطيع أن يشيّده في مائة يوم. أما إذا تخلى الانسانُ عن الانانية، وطلب الخير والوجود من التوفيق الإلهي وأرجَعَ الامرَ اليه، وابتعد عن الشر والتخريب، وترك اتباعَ هوى النفس. فاكتمل عبداً لله تعالى تائباً مستغفراً، ذاكراً له سبحانه. فسيكون مَظهراً للآية الكريمة: ﴿يُبدّلُ الله سَيّئاتِهم حَسَنات﴾(الفرقان: 70) فتنقلب القابلية العظمى عندَه للشر الى قابلية عظمى للخير. ويكتسب قيمة (أحسن تقويم) فيحلق عالياً الى أعلى عليين.
أيها الانسان الغافل! انظر الى فضل الحق تبارك وتعالى وكرمِه، ففي الوقت الذي تقتضي العدالةُ أن يكتب السيئةَ مائة سيئةٍ ويكتب الحسنةَ حسنةً واحدة او لا يكتبها حيث أن خيرها ومصلحتها يعودان على الانسان فهو جلّت قدرته يكتب السيئة سيئةً واحدةً والحسنةَ يزنها بَعشر أمثالها أو بسبعين أو بسبعمائة أو بسبعة آلاف أمثالها.
فأفهم من هذه النكتة ان الدخول في جهنم هو جزاء عمل وهو عين العدالة، وأما دخول الجنة فهو فضل إلهي محض ومَكرمةٌ خالصة، ومرحمة بحتة.

لايوجد صوت