الكلمات | الكلمة الثالثة والعشرون | 432
(405-435)

الساجدة.
نعم ايها الانسان! انك من جهة جسمِك النباتي ونفسِك الحيوانية جزءٌ صغير وجزئيٌ حقيرٌ ومخلوقٌ فقير وحيوانٌ ضعيف تخوض في الأمواج الهادرة لهذه الموجودات المتزاحمة المدهشة. إلاّ أنك من حيث انسانيتك المتكاملة بالتربية الاسلامية المنوَّرة بنور الايمان المتضمن لضياء المحبة الإلهية سلطانٌ في هذه العبدية.. وانك كليٌ في جزئيتك.. وانك عالمٌ واسع في صغرك.. ولك المقامُ السامي مع حقارتك فانت المشرفُ ذو البصيرة النيرّة على هذه الدائرة الفسيحة المنظورة، حتى يمكنك القول: (ان ربيَ الرحيمَ قد جعلَ لي الدنيا مأوىً ومسكناً، وجعل لي الشمس والقمر سراجاً ونوراً، وجعل لي الربيعَ باقةَ وردٍ زاهية، وجعلَ لي الصيفَ مائدةَ نعمةٍ، وجعل لي الحيوانَ خادماً ذليلاً، وأخيراً جعل لي النباتَ زينةً واثاثاً وبهجة لداري ومسكني).
وخلاصة القول:
انك اذا ألقيتَ السمعَ الى النفس والشيطان فستسقط الى أسفل سافلين واذا أصغيتَ الى الحق والقرآن فسترتقي الى أعلى عليين وكنتَ (أحسن تقويم) في هذا الكون.
 النكتة الخامسة:
ان الانسان اُرسل الى الدنيا ضيفاً وموظفاً ووُهبتْ له مواهبٌ واستعدادات مهمة جداً، وعلى هذا اسُندت اليه وظائفٌ جليلة. ولكي يقوم الانسانُ باعماله وليكدّ ويسعى لتلك الغايات والوظائف العظيمة فقد رُغِّب ورُهَّب لإنجاز عمله.
سنجمل هنا الوظائف الانسانية وأساسات العبودية التي أوضحناها في موضع آخر، وذلك لفهم وادراك سر (أحسن تقويم) فنقول:
ان الانسان بعد مجيئه الى هذا العالم له عبوديةٌ من ناحيتين:
الناحية الاولى: عبوديةٌ وتفكرٌ بصورة غيابية.
الناحية الثانية: عبوديةٌ ومناجاةٌ بصورة مخاطبة حاضرة.
الناحية الاولى هي:

لايوجد صوت