الكلمات | الكلمة الثالثة والعشرون | 434
(405-435)

ثم يرى: ان غنياً مطلقاً يعرض خزائنه وثروتَه الهائلة التي لا تنضب في سخاء مطلق، فيقابله هو بالسؤال والطلب بكمال الافتقار في تعظيم وثناء.
ثم يرى: ان ذلك الفاطرَ الجليل قد جعل الأرض معرضاً عجيباً لعرض جميع الصنائع الغريبة النادرة فيقابل هو ذلك بقوله (ما شاء الله) مستحسناً لها، وبقوله (بارك الله) مقدراً لها، وبقوله (سبحان الله) معجباً بها، وبقوله (الله اكبر) تعظيماً لخالقها.
ثم يرى: أن واحداً يختم على الموجودات كلها ختمَ التوحيد وسكّتَه التي لا تقلد وطغراءَه الخاصة به، وينقش عليها آيات التوحيد، وينصبُ رايةَ التوحيد في آفاق العالم معلناً ربوبيتَه، فيقابله هو بالتصديق والايمان والتوحيد والاذعان والشهادة والعبودية.
فالانسان بمثل هذه العبادة والتفكر يصبح انساناً حقاً ويُظهر نفسه أنه في (أحسن تقويم) فيصير بيُمن الايمان وبركته لائقاً للأمانة الكبرى وخليفة أميناً على الأرض.
فيا أيها الانسان الغافلُ المخلوقُ في (أحسَن تقويم) والذي ينحدر أسفلَ سافلين لسوء اختياره ونزقه وطيشه. اسمعني جيداً وانظر الى اللوحتين المكتوبتين في المقام الثاني من (الكلمة السابعة عشرة) حتى ترى أنت ايضاً كيف كنتُ أرى الدنيا مثلَك حلوةً خضرة عندما كنتُ في غفلة الشباب وسُكره. ولكن لما أفقتُ من سكر الشباب وصحوتُ منه بصبحِ المشيب رأيت أن وجهَ الدنيا غير المتوجه الى الآخرة والذي كنتُ اعدُّه جميلاً رأيته وجهاً قبيحاً. وان وجه الدنيا المتوجه الى الآخرة حسن جميل.
فاللوحة الأولى:
تصوّر دنيا أهل الغفلة. فقد رأيتها من دون أن اسكر فيها شبيهة بدنيا اهل الضلالة الذين اَطبقت عليهم حجب الغفلة.
اللوحة الثانية:
تشير الى حقيقة أهل الهداية وذوى القلوب المطمئنة.

لايوجد صوت