الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 485
(436-486)

بالله - فلا يؤمن بعدُ بأي نبي آخر. بل لا يبقى موضع للكمالات في روحه، بل ينسى ربه الجليل ويكون ما اُدرج في ماهيته من منازل ولطائف طعمة للظلام، ويحدث في قلبه دماراً رهيباً وتستولي عليه الوحشة، تُرى ما الذي يغني عن هذا الدمار الرهيب، وما النفع الذي يكسبه حتى يستطيع ان يعمرّ ذلك الدمار والوحشة؟!
أما الاجانب فانهم يشبهون القصر الثاني، بحيث لو أخرجوا نور محمد y من قلوبهم، تظل لديهم أنوار - بالنسبة لهم - أو يظنون أنها تظل! اذ يمكن ان يبقى لديهم شئ من العقيدة بالله والايمان بموسى وعيسى - عليهما السلام - والذي هو محور كمال اخلاقياتهم.
فيا نفسي الامارة بالسوء!
اذا قلت: انا لا أريد أن اكون اجنبياً بل حيواناً، فلقد كررنا عليك القول يا نفسي! إنك لن تكوني حتى كالحيوان، لانك تملكين عقلاً. فهذا العقل - الجامع لآلام الماضي ومخاوف المستقبل - يُنزل ضرباتٍ موجعة وصفعات مؤلمة برأسك وعينك، فيذيقك الوف الآلام في ثنايا لذة واحدة، بينما الحيوان يستمتع بلذة غير مشوبة بالآلام. لذا ان أردت ان تكوني حيواناً فتخلّي عن عقلك أولاً وارميه بعيداً، وتعرّضي لصفعة التأديب في الآية الكريمة: ﴿كالانعام بل هم أضل﴾ (الاعراف: 179).
 الثمرة الخامسة:
يا نفس! لقد كررنا القول: ان الانسان ثمرة شجرة الخلقة، فهو كالثمرة أبعد شئ عن البذرة، واجمع لخصائص الكل، وله نظر عام الى الجميع، ويضم جهة وحدة الكل، فهو مخلوق يحمل نواة القلب، ووجهه متوجه الى الكثرة - من المخلوقات - والى الفناء، والى الدنيا، ولكن العبادة التي هي حبل الوصال، أو نقطة اتصال بين المبدأ والمنتهى، تصرف وجه الانسان من الفناء الى البقاء، ومن الخلق الى الحق، ومن الكثرة الى الوحدانية، ومن المنتهى الى المبدأ.
لو أن ثمرة قيمة ذات ادراك أوشكت على ان تكوّن البذور، تباهت بجمالها ونظرت الى أسفل منها من ذوي الأرواح وألقت نفسها في

لايوجد صوت