كتاب ذكر وتوحيد، وكل من هذا يقتضي التكرار، فكل ما كرر في القرآن الكريم اذاً من آية أو قصة إنما تشتمل على معنى جديد وعبرة جديدة.
ويظهر إعجازه ايضاً عند تناوله (حوادث جزئية) وقعت في حياة الصحابة الكرام اثناء نزوله وارسائه بناء الاسلام وقواعد الشريعة فتراه يأخذ تلك الحوادث بنظر الاهتمام البالغ، مبيناً بها: أن أدق الامور لأصغر الحوداث جزئية انما هي تحت نظر رحمته سبحانه، وضمن دائرة تدبيره وإرادته، فضلا عن انه يظهر بها سنناً إلهية جارية في الكون ودساتير كلية شاملة. زد على ذلك ان تلك الحوادث - التي هي بمثابة النويات عند تأسيس الإسلام والشريعة ستثمر فيما يأتي من الازمان ثماراً يانعة من الأحكام والفوائد.
ان تكرر الحاجة يستلزم التكرار، هذه قاعدة ثابتة، لذا فقد أجاب القرآن الكريم عن أسئلة مكررة كثيرة خلال عشرين سنة فارشد باجاباته المكررة طبقات كثيرة متباينة من المخاطبين. فهو يكرر جملاً تملك ألوف النـتــائـج، ويكرر ارشادات هي نتيجة لأدلة لاحد لها، وذلك عند ترسيخه في الأذهان وتقريره في القلوب ما سيحدث من انقلاب عظيم وتبدل رهيب في العالم وما سيصيبه من دمار وتفتت الاجزاء، وما سيعقبه من بناء الآخرة الخالدة الرائعة بدلا من هذا العالم الفاني.
ثم انه يكرر تلك الجمل والآيات ايضاً عند اثباته: ان جميع الجزئيات والكليات ابتداء من الذرات الى النجوم انما هي في قبضة واحد أحد سبحانه وضمن تصرفه جل شأنه.
ويكررها ايضاً عند بيانه الغضب الإلهي والسخط الرباني على الانسان المرتكب للمظالم عند خرقه الغاية من الخلق، تلك المظالم التي تثير هيجان الكائنات والأرض والسماء والعناصر وتؤجج غضبها على مقترفيها.
لذا فان تكرار تلك الجمل والآيات عند بيان امثال هذه الأمور