الكلمات | الكلمة التاسعة والعشرون | 689
(688-734)

المقدمة
يمكن القول بأن وجود الملائكة والعالم الروحاني ثابت كثبوت وجود الانسان والحيوان، فكما بَيّنا في المرتبة الأولى من (الكلمة الخامسة عشرة): ان الحقيقة تقتضي قطعاً، والحكمة تستدعي يقيناً: ان تكون للسموات - كما هي للأرض - من ساكنين، ولا بدّ أنهم ذوو شعور، وهم متلائمون معها كل التلاؤم. وفي مصطلح الدين يسمّى اولئك الساكنون من ذوي الأجناس المختلفة بـ(الملائكة) و(الروحانيات).
نعم، ان الحقيقة تقتضي هكذا.. فرغم ضآلة كرتنا الأرضية وصغرها قياساً الى السماء فان ملأها بمخلوقات ذوات مشاعر - بين حين وآخر - واخلاءها منهم وتزيينها بآخرين جُدد يشير، بل يصرح:
ان السموات ذات البروج المشيدة - وكأنها قصور مزيّنة - لابد أنها ملأى ايضاً: بذوي حياة مدركين واعين الذين هم نور الوجود، ومن ذوي الشعور الذين هم ضياء الأحياء، وان تلك المخلوقات - كالأنس والجن - هم كذلك: مشاهدو قصر هذا العالم الفخم.. ومطالعو كتاب الكون هذا.. والداعون الأدلاّء الى سلطان الربوبية.. ويمثلون بعبوديتهم الكلية الشاملة: تسابيح الكائنات، وأوراد الموجودات الضخمة...
أجل! إن تنوّع هذه الكائنات يدلّ على وجود الملائكة؛ لأن تزيين الكائنات بدقائق الصنعة المبدعة التي لا تعدّ ولا تحصى، وبمحاسن ذات معانٍ ونقوش حكيمة، يتطلب ـ بالبداهة - أنظار متفكرين ومستحسنين، ومعجبين مقدّرين.. أي يستدعي وجودهم.
نعم! كما أن الجمال يطلب العاشق.. والطعام يعطى للجائع.. فلابد ان غذاء الارواح وقوت القلوب في هذه الصنعة الإلهية الجميلة الرائعة يدل على وجود الملائكة والعالم الروحاني ويتوجه اليهم. ولما

لايوجد صوت